قبل الخليقة لم يكن في الدنيا أي شيئ عدا مياه ما قبل التاريخ. كانت هذه المياه هائلة, عميقة وسوداء. وعلى مر الزمن أنتجت هذه المياه القديمة بيضة ذهبية طفت على وجه الماء مدة تسعة أشهر. بعد تسعة أشهر انفلقت البيضة وظهر على قشرتها مخلوق البراغفتي. ماذا كان البراغفتي؟ انه خليط من رجل وامرأة. وهكذا ربض البراغفتي على قشرة البيضة المذهبة على مدار سنة كاملة, دون أن ينبس ببنت شفة ودون أن يحرك ساكنة. بعد سنة خرج البراغفتي عن صمته. وكانت الكلمة الأولى التي لفظها كلمة "الدنيا" وقد تكونت الأرض بفعل هذا القول. أما الكلمة الثانية التي لفظها هذا المخلوق فقد كانت السماء" وهكذا خلقت السماء, التي قسمها البراغفتي الى مواسم السنة.
كان براغفتي قادرًا على معرفة المستقبل حتى الأزل, منذ بدء خلق الحياة وحتى موته بالذات, الذي كان من المفروض أن يحدث بعد ألف سنة. كان البراغفتي وحيدًا وكان يحدوه الأمل أن يجد رفيقا يملأ عليه الفراغ الكبير الذي يعاني منه.
قسّم البراغفتي نفسه الى زوجين: رجل وامرأة. ومعا خلقت هاتان الشخصيتان الآلهة الأولى وأركان الطبيعة والبشرية.
أثناء الخليقة, خلق الزمن الذي تحوّل الى تجسيد الزمن ذاتيا.
الاله الأول الذي تكون من بين الآلهة كان أجني- إله النار. بعد خلق النار خُلق النور, حيث وزعه براغفتي الى النهار والليل.
بعد ذلك وُلد المزيد من الالهة إله الشر- أشورس والفجر الجميل. وكان براغفتي يُدرك أن عليه أن يفصل بين الخير والشر, ولذلك أخفى ابنه الشرير عميقا في باطن الأرض وفي مكان مجهول.
اشتهى براغفتي ابنته الجميلة "الفجر" وعندما هبطت الى الأرض على شكل ظبية, جاءها متنكرا بشكل ظبي. حاولت آلهة "الفجر" الهرب من براغفتي لكنه كان أسرع منها وأقوى. أمسك براغفتي بها ونجح في معاشرتها رغما عنها. وفي أعقاب هذه الفعلة وُلدت جميع قطعان الأغنام والمواشي والبقر في الدنيا.
تأملت بقية الآلهة بدهشة ورعب أعمال براغفتي المخجلة المشينة, التي خالف بها أهم القوانين, قانون المحظورات (التابو) وقد غضبوا جدًا عليه وأوجدوا رودرا المسخ المتوحش, الذي راح يطارد براغفتي ويلاحقه في شتى أنحاء المعمورة. وعندما عثر رودرا على براغفتي, رماه بسهم قذفه الى كبد السماء المظلمة وحوّله إلى مجموعة من النجوم والكواكب تشبه في شكلها رأس الغزال, بحيث يستطيع رؤيتها كل من ينظر الى السماء.
أما "الفجر" ابنة براغفتي, فقد عادت الى السماء, لكنها لم تعد الى الليل والى الظلام أبدًا.