النهضة الأوروبية الحديثة
عصر النهضة مصطلح يطلق على فترة الانتقال من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة. وهي القرون 14 - 16 ويؤرخ لها بسقوط القسطنطينية عام 1453م حيث نزح العلماء إلى إيطاليا حاملين معهم تراث اليونان والرومان.
كما يدل مصطلح عصر النهضة على التيارات الثقافية و الفكرية التي بدأت في البلاد الإيطالية في القرن 14, حيث بلغت أوج ازدهارها في القرنين 15 و 16, ومن إيطاليا انتشرت النهضة إلى فرنسا وإسبانيا وألمانيا وهولندا وانكلترا وإلى سائر أوروبا.
ازدهر شأن النهضة الإيطالية إذ وجدت لها أنصاراً يصرفون عليها المال الوفير, مثل أسرة ميديشي في فلورنسا وسوفرزا في ميلانو والبابوات في روما. وبلغت البندقية ذروة عظمتها الثقافية في أواخر القرن 16. ومن أعظم شخصيات النهضة في المجال الفني ليوناردو دا فينشي و مايكل آنجلو و مكيافيلي، وغيرهم، وكان لهذه الحقبة تأثير واسع في الفن والعمارة، وتكوين العقل الحديث، وعودة واعية للمثل العليا والأنماط الكلاسيكية. وفي هذه الفترة تم اكتشاف أراضي وشعوب جديدة حيث أتسمت هذه الفترة بظهور طائفة كبيرة من الرحالة والمستكشفين والملاحين منهم الأمير هنري الملاح و كرستوفر كولومبوس و فاسكو دي كاما.
الحالة العامة في أوروبا قبل النهضة
اتجهت أوروبا في العصور الوسطى إلى الزهد في الدنيا، والتبتل إلى الآخرة، وذلك نتيجة هيمنة رجال الكنيسة على مختلف شؤون الحياة، باعتبارهم علماء في الدين وفلاسفة في القانون الروماني، فحاربوا المفكرين، وحاكموهم بقسوة، واحتكروا زعامة المجتمع، فتفشت فيه الخرافات وعم الجهل، فلم ينتفع الجمهور باللغة اللاتيني؛ لأنها كانت محتكرة لدى طائفة من رجال الكنيسة، ولم تكن صناعة الورق، أو فن الطباعة معروفين في أوروبا، ولهدا كان المجتمع الأوروبي متخلفاً ويئن تحت وطأة الإقطاع، ويعاني من ويلات الحروب الإقطاعية والتجزئة السياسية.
تعريف النهضة
النهضة بمفهومها الخاص هي حركة إحياء التراث القديم،أما بمعناها الواسع فهي عبارة عن ذلك التطور القديم في كل من الفنون والآداب والعلوم، وطرق التعبير و الدراسات، وما صاحب ذلك من تغير في أسس الحياة الإجتماعية و الإقتصادية والدينية و السياسية.
أدى إلى قيام النهضة الأوربية في ما يلي:
أولًا: إنتعاش التجارة و إزدهار المدن التجارية الأوربية انتعاش التجارة بين الغرب والشرق و خاصة عبر البحر المتوسط جعل المدن الإوربية المطلة عليه تشهد رخاءً اقتصادياً ساعد على ظهور طبقة غنية استأثرت بالسلطة، و تحررت من السيادة الإقطاعية فنافستها واستقلت عنها معززة هذا الاستقلال بتبادل السفراء والقناصل مع الدول التي ترتبط معها بعلاقات تجارية، وكذلك بإحاطة نفسها بمظاهر البذخ والترف مما جعلها تشجع حركة النهضة وتتنافس فيما بينها على رعاية فنانيها وأدبائها وعلمائها.
ثانيًا: استعمال اللغة الوطنية
كانت اللغة اللاتينية وهي لغة العلم والثقافة والفن محصورة في رجال الدين، لكن تنبه الأوروبيين إلى ضرورة استعمال اللغة الوطنية التي يتكلمها معظم أبناء الشعب، وقد كان لتشجيع بعض الحكومات الأوروبية للغات القومية وإقبال بعض الكتاب على التأليف بها أثر كبير في نشر الثقافة بين طبقات الشعب،و هي اللغات الأم للغات شعوب أوروبا الحالية مثل اللغات الفرنسية و الإنجليزية و غيرها.
ثالثًا: سقوط القسطنطينية
أدى سقوط القسطنطينية عاصمة البيزنطيين بعد هجوم الأتراك العثمانيين عليها إلى هجرة عدد كبير من العلماء إلى إيطاليا خاصةً، وحملوا معهم ما استطاعوا من كتب إغريقية وتماثيل وأدوات قديمة. وهناك تعاونوا على بعث الثقافة اللاتينية وتطويرها في قالب جديد كان نواة للنهضة الأوربية.
رابعًا: الحروب الصليبية
لقد وفد الأوربيون إلى المشرق العربي و هم يعيشون حالة من التقهقر الحضاري، و لكنهم أصطدموا بحضارة غنية كانت قد وصل منها القليل سابقا. لقد أكتشفوا كتب فلاسفة اليونان من جديد (بعد أن أحرقت الكنيسة الكتب ذاتها في أوروبا منذ قرون مضت)و ترجموها للغاتهم، و كذلك تم ترجمة علم الجبر الذي يعد من الأسس المهمة في النهضة الصناعية. أيضا تم ترجمة العديد من الكتب الفلسفية العربية و الإسلامية التي أعطتهم تصورات جديدة عن العالم، و كذلك كتب البحث العلمي و خصوصا الكيمياء. لذلك، لم يكن صدفة أن عصر النهضة قد تلى الحروب الصليبية بفترة وجيزة نسبيا لا تتجاوز القرن.
نتائج النهضة اللأوربية وخصائصها
أولًا: انحلال الإقطاع
سار نظام الإقطاع في عصر النهضة على طريق التلاشي و الزوال؛ نتيجة موت عدد كبير من أمراء الإقطاعيين في الحروب الصليبية، وإنصراف بعض الإقطاعيين إلى ممارسة التجارة، فتحرر الفلاحون والأقنان، ولم يتمكن من بقي من الإقطاعيين من مقاومة التغيرات التي حصلت نتيجة النهضة.
ثانيًا: ظهور الدول الحديثة
وذلك عبر تطوير أساليب الحكم، وقد ساعدتهم في ذلك الأفكار الجديدة مثل أفكار المفكرين مكيافيلي الإيطالي Machiavelli وجون رودان الفرنسي Jean Rodin و الإنجليزي هوبس Hobs وتدفق الثروات الناتجة عن الكشوفات الجغرافية الكبرى، واستغلال مناجم الذهب والفضة للقارة الأمريكية،خاصة من طرف أسبانيا والبرتغال في البداية. فساندت الطبقة المتوسطة الملوك على استتباب الأمن والنظام، والقضاء على الإقطاع، فضلًا عن تكون الرأي العام ونمو اللغات المحلية، وظهور الروح القومية، ولقد كان لهذه العوامل أثرها الفعال في قيام الدول الأوروبية الحديثة.
ثالثًا: إحياء الدراسات القديمة
استهوت الدراسات الإغريقية واللاتينية عقول الكثيرين من الأوروبيين، وقد وجدوا معظم مجلداتهم في الكنائس والأديرة، فعكفوا على دراستها، وترجمتها إلى اللغات المحلية؛ مما فتح نوافذ المعرفة أمام غالبية الشعب للمرة الأولى.
==========
ويكيبيديا