بسم الله الرحمن الرحيم
..التعليم والتأهيل المهني..
إن الشخص ذو الاعاقة هو إنسان سوي عاطفيا ووجدانيا حاله حال الأسوياء الآخرين ما لم تكن إعاقته شديدة جداً.
ولهذا فهو يحتاج فقط اعترافاً ورعاية معقولة من ذويه ومجتمعه والى إتاحة فرصة بسيطة لإثبات وجوده
إن أفضل الفرص التي تتاح للمعاق وإضافة إلى العناية المعقولة التي ذكرنا هي إتاحة الفرصة للتعليم. فبالتعليم يستطيع المعاق إثبات قدراته وقابليته العقلية والإدراكية الكاملة التي يمتلكها والتي يمكن أن يتفوق فيها في كثير من الأحيان على أقرانه الأسوياء.
ونقصد هنا بالتعليم هو إتاحة الفرصة للمعاقين لكي ينتظموا بسلك التعليم سواء التعليم التقليدي أو المدارس والمعاهد الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يمنحهم التعليم مزايا وفرصا عديدة، وذلك باعتباره أيضا حلقة في سلسلة حلقات تستهدف تأهيل المعاق مهنيا لكي يتكفل بنفسه وبمعيشته وربما إعالة أسرته في اغلب الأحيان
ويمكن إجمال فوائد التعليم باعتباره أحد مراحل تأهيل وإعادة تأهيل المعاقين بما يلي:
1/زيادة مدارك ذو الاعاقة العقلية وتفتح ذهنه إلى الكثير من أمور الحياة عامة والعلم خاصة.
2/إتاحة الفرصة لإثبات قابليته العقلية واثبات وجوده.
3/التقليل من الشعور بمركب النقص الذي يعانيه وإتاحة الفرصة لمنافسة الآخرين.
4/مساعدته على التكيف والاندماج مع الآخرين من خلال تكوين علاقات صداقة وتعارف.
5/غير الجو الاجتماعي والنفسي عليه نتيجة لتغير روتين حياته.
6/ مساعدته في الاعتماد على نفسه، وزرع الثقة فيها، وتقليل اعتماده على الآخرين، نتيجة لتنمية قابليته الذكائية والحركية.
7/إتاحة الفرصة المستقبلية له للاعتماد على نفسه اقتصادياً من خلال إيجاد وظيفة في المستقبل نتيجة لتحصيله العلمي.
8/زيادة خبرته عموما في الحياة طبقا لاحتكاكه بالآخرين.
9/تعميق فهم المعاق لنفسه وطبيعة إعاقته والتكيف معها.
10/فائدة عامة تتعلق بتغير وجهة نظر المجتمع تجاه المعاق على انه إنسان عاجز من جهة وكذلك تقليل فرص الانحراف لدى المعاقين نتيجة لما يعانوه من أزمات نفسية وعزلة اجتماعية في كثير من الأحيان، نتيجة لسوء تقدير معظم قطاعات المجتمع .
إن لهذه الفوائد أهمية كبيرة في مجال التأهيل المهني وهو عملية إجرائية تكاملية من سلسلة حلقات تستهدف تهيئة المعاق عقليا وصحيا ونفسيا .
سلسلة حلقات تتشكل كما يلي وحسب الترتيب:
1/فحص طبي ومعاينة صحية
2/ التأهيل البدني للمعاق: ويستهدف تنمية وتنشيط المعاق بدنيا. ويكون تحت إشراف أخصائي تدريب بدني.
3/ التأهيل الاجتماعي : ويأتي ذلك عن طريق تشخيص حالة المعاق تشخيصا تاما ومعرفة ظروفه الاجتماعية، وظروف إعاقته، ومرجعيته الأسرية ومؤهلاته العلمية، وغيرها. وينجز هذه المهمة الأخصائي الاجتماعي عادة.
4/ التأهيل النفسي: وتتضمن دراسة قابلية المعاق العقلية والاستعدادات النفسية، و مدى اندماجه وتكيفه في المجتمع .
5/التأهيل التعليمي: ويتضمن تهيئة فرص ، ويؤدي هذه المهمة متخصصون بالتربية والتعليم وتربية الخاصة .
6/التأهيل المهني: وهذه العملية من الممكن اعتبارها الهدف والغاية التي نسعى إليها طبقا إلى ما تعطيه من نتيجة فاعلة ومباشرة.
حيث تتوفر مراكز ومؤسسات تأهيل وإعادة تأهيل للمعاقين، ثم ينتسب المعاق فيها لعمل يتلاءم مع مؤهلاته البدني وقابليته العقلية ومواهبه وقدراته وميوله التي تتناسب مع هذا العمل أو ذاك. وبعد تأهيله مهنياً ندمجه في المجتمع , مثل تعليم الفتاة المعاقة فكرياً على الحرفة الخياطة و من ثم نوظفها في أحد المعامل الخياطة .
ويجب أن لا يفرض أي نوع من التخصص أو العمل الذي لا يرغبه أو لا يلائمه.
ويعاون على انجاز هذه المهمة ما يسمى بالأخصائي المهني والذي يكون ولا شك خبيرا بحرفة أو مهنة معينة، إضافة إلى خبرته واطلاعه على كيفية تعامله مع المعاقين.
7/ عملية التتبع: وهذه العملية هي الحلقة الأخيرة في هذه السلسلة، حيث بمقتضاها يتم متابعة المعاق في الدائرة أو المؤسسة التي سوف ينسب للعمل بها بعد تأهيله، وتستهدف هذه المتابعة الاطلاع على حال المعاق وظروف عمله في المكان الجديد الذي وضع فيه , ومدى توافقه وتكيفه واندماجه مع محيط عمله, ودرجة استفادته من عمليات التأهيل , و تلافي السلبيات وترسيخ وتطوير الايجابيات في المستقبل.
و لأهمية التأهيل قامت جمعية الرجاء عدة مشاريع تأهيل الشباب المعاقين و دمجهم في المجتمع و منها
مشروع سامر دلة من طلاب الجمعية, شاب مصاب بالشلل الدماغي عمره حولي 20 سنة لا يعرف الكتابة و لا القراءة عنده صعوبة في النطق , يحب العمل و لكنه بحاجة من يرشده إلى ما يتناسب من إمكاناته .
عندما قمنا بتنفيذ المشروع نظرنا إلى أمكانته التي يملكها و جدنا أنه يحب الركوب الدراجة العادية و أن يتجول بها في الشوارع المدينة , فأرشدناه للعمل كموزع مواد غذائية بأن يشتري البضاعة ( بسكويت , أكياس شبس , مربة.......إلخ ) من عند الوكيل و يحملها على دراجته و يبيعها للبقاليات .
و هكذا أصبح يتجول بدراجته بهدف بيع و الربح بعد أن كان يتجول دون تحقيق أي هدف سوى ليمضي الوقت .
و بعد حوالي سنة و نصف اشترى دراجة آلية ذات ثلاثة دواليب ليحمل البضاعة عليها علماً أن ثمنها من عرق جبينه .
حول هذا الشاب من عاجز لا يعمل إلى منتج نشيط فأصبح مثل أي شخص طبيعي .
الخلاصة التي نصل إليها هي إن المعاق إنسان وإنسان قبل كل شيء، وبعدها هو فرد ابتلى بعاهة أو عجز نتيجة ظروف معينة، فهو عاجز يستحق منحه هذه الفرصة ليعتمد على نفسه , أو تقليل مساعداتنا له .
ولعل أهم الفرص والتي ستفتح له الباب أمامه فرصاً ومجالات أخرى في الحياة هي فرصة التعليم سواء أكان أكاديمي أو مهني , و مساعدته على إيجاد فرصة عمل .