تعرض الاسلام الحنيف في هذه الايام العجاف لهجمات وغارات لا هوادة فيها وقد استخدمت في هذه الغارة كل الوسائل المتاحة اعلاميا سواء اكانت مرئية ام مسموعة ام مقروءة.
ومن المجالات التي يتعرض لها الاسلام مجال المرأة وذلك بسبب ان الافهام الكليلة لم تستطع ان تفهم الاسلام ولم ترد ان تقتنع به او لعلها فهمته واقتنعت به ولكنه الحقد الاعمى الذي يملؤها ضد هذا الدين الاسلامي الحنيف.
ان المرأة في هذا الدين الحنيف تحيطها اسباب الرعاية والحفظ من يوم الولادة وحتى الشيخوخة وبعد الوفاة.فعندما تخرج الى الدنيا هناك من النصوص النبوية الشريفة التى تحث ولى امرها سواء ابوها او غيره تحثه على الاحسان الى هذه المولودة ورعايتها وصيانتها والوقوف الى جانبها والاهتمام بها وتعليمها والحفاظ عليها وتبشره بالجنة والعتق من النار وهذا هو المرجو والمراد في هذه الحياة الدنيا بعد رضاء الله تبارك وتعالى فعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت:(جاءتنى امرأة ومعها ابنتان لها فسألتنى فلم تجد عندى شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها اياها فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئا ثم قامت فخرجت وابنتاها فدخلت على النبى صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(من ابتلي من البنات بشئ فأحسن اليهن كن له سترا من النار) متفق عليه قال القرطبي المحدث معلقا: احسن اليهن اي صانهن وقام بما يصلحهن ونظر في أصلح الاحول لهن فمن فعل ذلك وقصد به وجه الله تعالى عافه الله تعالى من النار وباعده منها وهو المعبر عنه بالستر من النار قال :ولاشك في ان من لم يدخل النار دخل الجنة وقد دل ذلك قوله في رواية اخرى (ان الله قد اوجب لها الجنة واعاذها من النار ) قال :وقوله (من البنات بشئ) يفيد بحكم عمومه ان الستر من النار يحصل بالاحسان الى واحدة من البنات فاذا ما عال زيادة على الواحدة فيحصل له زيادة على الستر من النار السبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الجنة). واذا ما نمت وترعرعت وكبرت وبلغت مبلغ من يعقلن امر لى امرها بوقايتها من النار وذلك بأن يمنعها من ان تقوم بأي عمل يباعد بينها وبين الجنة فيمنعها من التبرج والسفور والاختلاط يقول جل شأنه :(يا أيها الذين آمنوا قوا انفسكم واهليكم نارا) التحريم (6) ويدخل تحت الاهل الابناء بالطبع سواء كانوا ذكورا او اناثا فعن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى عليه وسلم انه قال :(الا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالامير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته والرجل راع على اهل بيته وهو مسئول عنهم ...) متفق عليه.واذا ما ارادت ان تتزوج فانها لاتزوج الا بعد مشورتها وموافقتها ولاينبغى على ولى امرها ان يتزوجها رغما عنها فعن ابى هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا تنكح الايم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن) قالوا يارسول الله: وكيف اذنها ؟ قال :(ان تسكت) رواه مسلم. فاذا ما تزوجت حث الاسلام على اكرامها ورحمتها وانه ينبغى ان تكون العلاقة بينها وبين زوجها علاقة مودة والفة ورحمة قال تعالى: (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة) سورة الروم (21).واذا ما تقدمت بها السن فقد حث الدين على اكرامها ايما اكرام فجاءت الآيات تترى تحث على الاحسان اليها والى الاب وخصوصا هي قال تعالى: (ووصينا الانسان بوالديه حملته امه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) سورة الاحقاف (15) فالام لها ثلاثة ارباع البر فالحمل والوضع والارضاع يسبب للام مشاقا لاحدود لها فكان من لزوم الاعتراف بالجميل ان يوصى الاسلام بها نفس ابى هريرة رضى الله عنه قال: جاء رجل الى رسول الله صلى الله ليه وسلم فقال: يا رسول الله من احق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (امك) قال :ثم من ؟ قال (امك) قال: ثم من ؟ قال: (امك) قال: ثم من ؟ قال: (ابوك) متفق عليه . قال القاضى عياض معلقا فيه تأكيد حق الام وأمانة ميرتها على ميرة الاب تكلفها له من الحمل ومشقة الوضع ومعاناة الرضاع والتربية ثم الاب ثم تنزيل ذلك في القرابة على الاقرب فالاقرب قال: وروى الليث ان حق الام آكد وان لها ثلثا البر وذكر المحاسبى ان تفضيل الام على الاب في البر اجماع العلماء وقال القرطبى في المفهم معلقا على هذا الحديث: (يدل على صحة قول من قال: ان للام ثلاثة ارباع البر وللاب ربعه ومعنى ذلك ان حقهما وان كان واجبا فالام تستحق الحظ الاوفر من ذلك وفائدة ذلك المبالغة في القيام بحق الام وان حقها مقدم عند تزاحم حقها وحقه) ان مكانة المرأة في المجتمعات الاسلامية تزداد في نفوس الرجال واعينهم كلما تقدم بها السن واقتربت من مرحلة الشيخوخة ان المرأة المسنة في الدار هي السيدة بلا منازع فلها الكلمة النافذة على ابنها وزوجته واولاده وزوجها ان كان حيا يجلها ويحترمها فهي رفيقة الدرب وصاحبته طوال هذه السنين الطوال فالكل يعاملها بالتبجيل والاحترام وذلك مستمد من تقدمها في السن الذى يكسبها هذه الهالة من الاحترام والتبجيل ان الذى اكسبها كل ما تقدم هو الاسلام بلا شك لانه حث على ذلك صحيح أن هناك بعض الانفلات الذى نقرأه على صفحات الاصدارات اليومية والاسبوعية الا ان الغالبية العظمى من الناس يحترمون ذويهم وخصوصا امهاتهم هذا هو حال المرأة المسلمة من يوم ولادتها وحتى شيخوختها الرعاية والحفظ والصيانة والتوجه والاحترام والتبجيل.
اما بعد وفاتها فلا ينقطع الرحم بل يوصل ايضا ذلك بالدعاء والاستغفار ورعاية صديقاتها فعن ابى اسعد الساعدي رضى الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ جاءه رجل من بني سلمة فقال يارسول الله هل بقى من ابوي شئ ابرهما به بعد موتهما؟ قال: (نعم) الصلاة عليهما والاستغفار لهما وانفاذ عهدهما وصلة الرحم التى لا توصل الا بهما واكرام صديقهما ) اخرجه ابو داود وابن ماجه. كيف لا والنبى صلى الله عليه وسلم نفسه كان قدوة في ذلك يرعى صديقات السيدة خديجة رضى الله عنها ففى المستدرك للحاكم من حديث السيدة عائشة رضى الله عنها قالت :جاءت عجوز الى النبى ضلى الله عليه وسلم وهو عندى فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (من انت) قالت: انا جثامة المزينة فقال:(بل انت حسانة المزنية كيف انتم ؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟) قالت: بخير بأبي انت وامى يارسول الله فلما خرجت قلت :يارسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الاقبال ! فقال: (انها كانت تأتينا زمن خديجة وان حسن العهد من الايمان) اما المرأة في المجتمع الغربي فانها بعد بلوغها بل واحيانا قبل البلوغ للضرب والاغتصاب والقتل اما بعد ان تقدم بها السن فانها قد لا تجد من يعطيها شربة ماء الا بالاجر ويقضين بقية عمرهن في كآية وحزن ينتظرن الموت. اذا فمصدر الحقوق التى تتمتع بها المرأة في المجتمع الغربي هو انوثتها فقط تلك التى يتبغى ان تسخر لخدمة الرجل حتى يحترمها وهذا الاحترام ان كان هناك احترام ناشئ عن المصلحة الشخصية وفقط بدليل ان المرأة عندما يرغب عنها بعد تقدم سنها لا ينظر اليها ولا يلتفت اليها ابدا.نشر الدكتور اليوطى مقالا عن أسناذ يعمل بمعهد النساء والتوليد في اميركا يقول فيه: هناك وباء يحتاج بلدنا...انه غير قابل للتجاوز عنه او التساهل في امره .. انه يجب ان يوقف وانه لمرض يبعث على الاشئمزاز ولا يمكن لاى بلد حضارى ان يقبل به قال: انه في كل 12 ثانية في الولايات المتحدة الاميركية تخضع امرأة لهذا الوباء.. في كل 12 ثانية امرأة تضرب الى درجة القتل او التحطيم من قبل الزوج او صديق وفي كل يوم نرى نتائج هذا الضرب او آثاره في مكانتنا في غرف الطوارئ لدينا وفي عياداتنا اما صنف العجائز من العوانس والمطلقات فيقطعن بقايا ايامهن فيما يشبه العزلة الكاملة عن المجتمع فليس بين الواحدة منهن والدنيا التى تعيش فيها الا ضرورات الطعام والشرب والمأوى تعيش الواحدة منهن حياتها وحيدة في منزلها المتواضع الصغير ليس ما يؤنسها فيه الا كلبها الوديع الصغير تتسلى برعايته والاعتناء به و تصحبه معها صباح كل يوم لشراء ضروريتها من بعض الفاكهة والخضار وربما تستريح في بعض الحدائق التى على طريقها ذاهية او آتية فاذا عادت الى دارها ودخلت واغلقت الباب بأكثر من رتاج واحد بحثا عن الطمأنينة والامان قال: واذا كتب لها ان تكون من القلة ذات الحظ السعيد اطل عليها خلال اوقات متباعدة ولد او ابنة لها في زيارة تقليدية قصيرة.فان زادت وطأة الشيخوخة عليها كان ان تتحول مكرهة من دارها الصغيرة الى احدى دور العجزة حيث الجميع ينتظر في ذلك المكان الذي قد يكون مريحا جميلا ساعة الرحيل كل في دوره حسب نوبتة التى لا يعلم ميقاتها الا الله عزوجل. قال: ولا شك ان الواحدة منهن لا تملك وهى في هذه الحالة سوى ان تشكر المجتمع الذي لم يبخل عليها اذا استضافها وامثالها في قاعة انتظار مريحة.. يقول الدكتور اليوطى معلقا: ان العاقل ليسأل ما الذي جعل المجتمع الغربي يتحول من اقصى مظاهر التبجيل للمرأة اذا كانت فتاة لعوبا تفيض انوثة وجمالا الى اقصى صور الاهمال لشأنها والاعراض عنها بعد ان تجاوزت مرحلة الصبا والشباب الى سن الكهولة والعجز ؟! قال: لن يتيه هذا الجمال واختفت الانوثة في تجاعيد المشيب ولم يبعد لهم من ارب فيما قد ييقى لهن الا القيمة الانسانية المجردة.. والاهتمام بالقيمة الانسانية المجردة في المرأة تكلف مغرما دون مغنم قال: هذا هو الجواب وتلك هى فلسفة الواقع ما بين الرجل والمرأة في القرب . قلت بل لقد وصل الامر الى اكثر من ذلك فالرحم هناك قد توصل البتة الا مرة واحدة كل سنة او اثنتين او حتى ثلاث ففي جريدة الاسبوع المصرية العدد (136) جاء فيها ما يلي :(توفيت امرأة امريكية عجوز عمرها واحد وسبعون سنة منذ عامين داخل شقتها ولم يعلم احد من اقاربها بوفاتها طوال هذه المدة.. الغريب ان اقارب المرأة قاطعوها منذ ثلاثة اعوام عجزت عن حضور جنازة شقيقتها لسوء حالتها الصحية والاغرب ان أحد الجيران هو الذي شك في امر وفاتها واخبر الشرطة بأنه لم يرها منذ عامين وعندما اقتحم رجال الشرطة الشقة فوجئوا بالهيكل العظمي للمرأة فى حمام شقتها .. ألا بئس هذا المجتمع. لكن برغم هذا الخلل الحاصل فيه والذي ضيعت فيه المرأة وبرغم هذا الحفظ وتلك الرعاية وتلك الصيانة التى نص عليها الاسلام نجد ان بعض المستشرقين واذ نابهم من العلمانيين والمرجفين في المدينة يتهمون الاسلام بأنه اهان المرأة وانقص من قدرتها. والحقيقة ان هؤلاء واولئك ليسوا مؤهلين للنظر في السنة وعلومها وقبله القرآن وعلومه بل ان معظمهم يتكلم بلسان اعجمي فقد التبست عليهم بعض النصوص النبوية فلم يستطيعوا فهمه وادعوا ان الاسلام اهان المرأة. والحقيقة ان المرأة في الدول المتقدمة لا تحترم على النحو الذي اسلفت ولا يقدر لها عملها فقد كشفت دراسة بريطانية حديثة ان النساء العاملات في انكلترا يحصلن على دخل اقل من زملائهن من الرجال في المهنة نفسها وان دخل المرأة العاملة يوازى 80% فقط من دخل زملائها من الرجال سواء في المهنة او في الدرجة العلمية نفسها.وفي اميركا ينفرد الرجل بمنصب المدير في اغلب المشروعات والمصانع ويكشف استطلاع للرأى في انكلترا عن ان نصف النساء تقريبا وقعن فريسة سهلة للاكتئاب ويفكرن فى الانتحار وان 41% منهن يتناولن الحبوب المهدئة وقد علقت وزيرة شئون المرأة في انكلترا حول تفاوت اجوار الرجال والنساء بقولها (ان النساء في انكلترا يدفعن ثمنا اقتصاديا باهظا لمجرد انتمائهن للجنس الناعم).فهل بعد ذلك كله يأتي واحد من الناس او تأتي مجموعة من النساء ويجتمعن ويدعون ان الاسلام اهان المرأة وانه استغلها اسوأ استغلال.
* مدرس الحديث بجامعة الازهر ومعهد العلوم الشرعية بروى د. عمر محمد الفرماوي