كيف تأمرين بالمعروف وتنهين عن المنكر
الحمد لله الذي جعلنا من خير أمةٍ أخرجت للناس، والصلاة والسلام على خير آمر بالمعروف وناهٍ عن المنكر وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:
فإلى كل مسلمة، إلى الأمهات، إلى المعلمات، إلى كل مؤمنة غيورة على الدين، إلى كل من تنتمي إلى هذه الأمة التي قال عنها خالقها جل في علاه: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } [آل عمران:110].
أيتها المسلمة:
إن كنت تريدين أن تكوني من خير الناس للناس، ومن خير أمة أخرجت للناس، فعليك بتحقيق شرط الخيرية ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنني لأعلم أنه يوجد في قلب كل غيورة على هذا الدين من الحُرقة والألم لما يحصل من تقصير في أوامر الله وانتهاك لمحارم الله ولكن هذا صداق قوله تعالى: { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [يوسف:103].
يا أخية:
ما الدور الذي يجب أن نقوم به مع وجود هذا التقصير وهذا النقص؟ والأهم منهما أن لا نتعرض لوعيد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: { والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، فتدعونه فلا يستجيب لكم } [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].
فكيف الخروج يا أختاه من هذا الوعيد الشديد؟... إنه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فما دام - أيتها الحبيبة - أن ترك هذا الأمر خطير إلى هذا الحد، فهذه دعوةٌ من أعماق قلبي إلى الاهتمام بهذه الشعيرة العظيمة، فأنت يا أختي الأم والمحضن الصالح لأجيال الأمة، وأنت المعلمة والقدوة الصالحة على يديك تسقط رايات الجهل والأميّة، فإليك أختي العزيزة هذه النبذة اليسيرة عن هذه الشعيرة من الآداب والصفات والبشارات لمن قامت بهذه الشعيرة.
أولاً: صفات الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر:
أختي الفاضلة: إن الكثير من الناس يدّعون أنهم يأمرون وينهون، ولكن القليل هم الذين يتحلون بصفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر التي دعا إليها الإسلام ومن هذه الصفات:
1 - الإخلاص:
الإخلاص هو إفراد الله سبحانه بالقصد في الطاعة والإخلاص هو روح كل عمل، والأعمال التي يستعظمها الناس لا وزن لها عند الله عز وجل إذا فقدت هذه الروح قال تعالى: { وَمَا أُمِرواْ إِلا لِيَعبُدواْ اللهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ } [البينة:5].
فلينتبه لهذا الشرط الذي عليه مدار قبول العمل وبالتالي النفع به.
2 - العلم:
من أهم ما يحسن بالآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر أن تتحلى به صفة العلم، فإن العلم زينة لها، ووسيلة صحيحة للعمل، ومرافق دائم في مجال الدعوة والأمر والنهي.
قال تعالى: { قُل هَل يَستَوِي الَّذِينَ يَعلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعلَمُونَ } [الزمر:9]، إن جهالة من تأمر وتنهي فيما تدعو إليه أو تنهى عنه، قد يوقعها في حماقات كثيرة، وإشكالات عديدة، بل ربما حدثت بسبب ذلك مفاسد متعددة، أو تعطلت مصالح راجحة.
3 - القدوة الحسنة:
من السمات الحسنة المؤثرة التي ينبغي أن تتحلى بها الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر، أن تكون قدوة حسنة للآخرين؛ لأن التأثير بالاقتداء والتقليد له قيمة كبيرة في نفوس المدعوات، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، وقدوة صالحة ليحتذي الناس بأقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم ، فمن أسرتها نفسها، وأصبحت عبدة لهواها، فلا يمكن أن تُنكر على الآخرين.
4 - الرحمة بمن تفعل المنكر والخوف عليها من عذاب الله:
ينبغي أن تستشعر الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر هذه الصفة وهذا الأدب، وأن تنظر إلى الواقعة في المنكر نظرة الرحمة، والشفقة، والرغبة في الإحسان إليها؛ لكونها تتنازع مع الشيطان ومع هواها ومع نفسها الأمّارة بالسوء ولذا ينبغي عدم إعانة هؤلاء الأعداء عليها، بل الوقوف معها وفي صفّها حتى تتخلص من هذا الداء الذي ألمّ بها فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه } [رواه البخاري].
5 - الرفق:
وهو لين الجانب بالقول والفعل، والأخذ بالأسهل وهو ضد العنف.
وقد سلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جانب الرفق في عملية التغيير والبناء مع كل مدعويه، وأولئك الذين كان يحتسب عليهم سواء كانوا من اليهود، أم من المشركين، أم من المسلمين.
ولقد حث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم المسلمين عامة ويدخل في ذلك الدعاة والمحتسبون من باب أولى بالرفق في جميع أمورهم، ومن ذلك جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لايعطي على العنف، وما لا يعطي سواه } [رواه مسلم]. وقال عليه الصلاة والسلام: { من يحرم الرفق يحرم الخير } [رواه مسلم].
انتظرو الجزء المتبقي. :flower: