بسم الله الرحمن الرحيم
عشرةُ أسباب لتحريم الاحتفال بالمولد النبوي
اعلم أخي المسلم أن الله تعالى كما أنه لا يأمرنا إلا بما فيه صلاحنا والنفع لنا في ديننا ودنيانا فإنه تعالى كذلك لا ينهانا ويحرّم علينا إلا ما فيه شر وضرر ومفسدة في الدنيا والآخرة
وإن مما حرّمه الله علينا تحريما شديداً مقروناً مع التهديد والوعيد الشديد: الإحداث في الدين والابتداع فيه،لا سيّما إذا اقترن مع تلك البدع محرمات أخرى ومنكرات تترى ،فإن ذلك العمل يرتفع إلى درجة البدع الكبرى التي توجب مقت الله وغضبه-أعاذنا الله من ذلك-
إذا علمت هذا-أيها المبارك- فاعلم أن من البدع المنكرة المشتملة على جملة كبيرة من المفاسد والمضار المتنوعة بدعة الاحتفال بالمولد النبوي
وقد تكلم العلماء عن هذه البدعة وحذروا منها وبيّنوا ما فيها من الشرور والآثام والمخالفة لشريعة الرحمن تبارك وتعالى
وإليك -أخي الحريص على سلامة دينه- عشرة أسباب حرّم العلماء من أجلها هذه الاحتفالات،حتى تكون على بيّنة من أمرك وبصيرة من دينك:
السبب الأول:
أن هذه الموالد يزعم أصحابها أنهم يتقرّبون بها إلى الله ،وهم مع ذلك يعترفون أن الله لم يأمر بها ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ،وهذه هي حقيقة البدعة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " وقد قال الإمام مالك رحمه الله "من ابتدع بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة ،لأن الله يقول "اليوم أكملت لكم دينكم "
فأنت -يا من يحتفل بالمولد- متقربا به الى الله يلزمك أحد أمرين :إما أن الله تعالى لم يكمل لنا الدين فأكملته أنت بهذا المولد الذي لم يشرعه فهذا بك تكذيب لقوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم"
وإما أن الله شرعه لنا،لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الرسالة فلم يبلغه.
فإن لم تلتزم هذا ولا ذاك فالزم السنن والهدي الأوّل،ودع عنك المحدثات
السبب الثاني :
أن هذا المولد لم يفعله أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تابعيهم بإحسان ولا أحد من أئمة المسلمين المقتدى بهم في الدين الذين هم أعلام الهدي ومصابيح الدجى،فمن فعله بعدهم فقد خالف سبيلهم وتنكّب طريقهم والله تعالى يقول مخاطباً إياهم: " فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنماهم في شقاق "
السبب الثالث :
أن أوّل من أحدث هذا المولد هم طائفةٌ من شرّ الطوائف المنتسبة إلى الإسلام وهم بنو عبيدٍ القدّاح الذين سمّوا أنفسهم بالفاطميين وهم في الحقيقة الشيعة الذين جعلوا دينهم الوقيعة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكفيرَهم وسبّهم
وقد أحدثو ذلك في القرن الرابع الهجري ،ثم ترك العمل به مدّةً،ثم أعاد العمل به الملك المظّفر صاحب إربل-من أعمال الموصل- في القرن السابع الهجري واستمّر العمل عليه إلى الآن والله المستعان
فبأي دين بعد هذا تدين أيها المسلم؟ أبهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أم بدين الروافض سببة الصحابة،اختر لنفسك
السبب الرابع:
أنه يصاحب هذه الاحتفالات من المنكرات والمحرّمات شيء كثير،منها:
الأغاني المحرمة بالطبول والمزامير، وربما كانت بالمدائح التي تُسمى دينيةً وفيها من الأخطاء العقدية والغلوّ والإطراء المحرّم ما فيها
ومنها ما قد يحدث فيها من خروج النساء سافرات متعطّرات واختلاطهن بالرجال الأجانب
ومنها المبالغة في الإسراف في الشموع والمشارب والمآكل حتى يكون مآلها إلى المزابل
ومنها ترويع الآمنين بالمفرقعات البغيضة،مع ما في ذلك من إنفاق المال في غير حقّه
السبب الخامس:
أنه تقليد للنصارى في احتفالهم بعيسى عليه السلام ونحن قد أُمرنا بمخالفتهم وعدم التشبه بهم و"من تشبه بقوم فهو منهم"
السبب السادس:
أن أعياد المسلمين واحتفالهم قد شرعه الله تعالى مقترناً مع عباداتهم التي يفعلونها هم أنفسهم كعيد الفطر المقترن مع الصوم ،وعيد الأضحى المقترن بالحج ،وعيد الأسبوع الذي هو يوم الجمعة المقترن بهذه الصلاة الجليلة
أما الأيام المعظّمة لما وقع فيها من الحوادث المهمّة فإنه لا يُشرع إحداث الاحتفال فيها،بل المناسبُ الذي شرعه الله هو عمارتها بالعبادة شكراً لله على ذلك،ومن هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عظّم يوم عاشوراء الذي أنجى الله فيه موسى من فرعون فصامه، وعظّم الصحابة مُهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فرّق الله به بين الإسلام والكفر فجعلوه مبدأ تأريخهم،فتعظيم يومٍ من الأيام بالاحتفال فيه خروج عن الشريعة ومناقضة لمقاصدها
السبب السابع:
أن أهل السير والأخبار اختلفوا في اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أربعة أقوال ،والمشهور منها أنه في الثاني عشر من ربيع ، والذي عليه المحقّقون منهم أنه في الثامن منه،وهو الذي اتفق عليه أهل الحساب الفلكي منذ القديم
والمقصود أن يوم الولادة لا يعرف على وجه التحديد،فالمحتفل بالمولد لا يدري هل وافق ذلك اليوم أو خالفه؟ ولذلك كان ملك إربل الذي ابتدع هذا الاحتفال متخبطا فيه فيفعله سنةً في الثامن وسنةً في الثاني عشر
ومن جهة أخرى فإن هذا الاختلاف نفسه لأكبر دليل على إن الاحتفال بتلك الليلة غير مشروع كما قال أبوعبد الله الحفار:( لوكانت تلك الليلة التي ولد صلى الله عليه وسلم في صبيحتها تحدث فيها عبادة لكانت معلومة مشهورة لا يقع فيها اختلاف اهـ ) نقلاً من المعيار المعرب7/100
السبب الثامن:
أن محبة وتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم والفرح والسرور به وقراءة سيرته وتذكر شمائله لا يليق ولا ينبغي أن يكون في يوم واحد من أيام السنة،بل الواجب على المسلم أن يكون ذلك ديدنه كل حين وهجّيراه في كل وقت،لأن الله علّق الفلاح والنجاح على ذلك فقال:"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر"،وجعل تعالى علامة محبته سبحانه كمالَ الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"
السبب التاسع:
أن هذه الموالد وسائر المحدثات تزاحم السنن المشروعة،فتقلّ وتنقص عناية الناس بالمشروع من السنن والفرائض والفضائل،وتفتر رغبتهم فيها بقدر عنايتهم بهذه المخترعات،وقد قال بعض السلف:"ما أحدث الناس بدعة إلا ضيعوا مثلها من السنة"، وهذا صحيح مشاهد وله مأخذان:
أحدهما:جهة العقوبة فيُعاقب المبتدع بأن يفوته من السنن نظير ما أحدث من البدع،وفي المثل:(أعط أخاك تمرة فإن ردها فأعطه جمرة) قال سفيان بن عيينة:تصديق ذلك في كتاب الله:"ومن يعشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين"
الجهة الأخرى:هي طاقة الإنسان وقدرتة على الأعمال،فمن لم يدّخر طاقته ووقته وماله للمشروعات استغرقها في المحدثات،وخاب من حيث نجح الناس
السبب العاشر:
أن العلماء قد اتفقوا على أن الشهر الذي وُلد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بعينه الشهر الذي قُبض فيه ولحق بربه،فأظلمت الأرض وانقطع وحي السماء،فالحزن والأسف والحسرة أولى بالمسلم في هذا الشهر من إظهار السرور والفرح ،وفي الحديث الصحيح:"إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي"
وفي هذا المعنى يقول ابن الحاج المالكي في المدخل2/16-17: ( العجب العجيب كيف يعملون المولد بالأغاني والفرح والسرور لأجل مولده صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر وهو صلى الله عليه وسلم انتقل فيه إلى كرامة ربّه عزوجل وفُجعت الأمة وأصيبت بمصاب عظيم لا يعدله غيره أبداً،فعلى هذا كان يتعيّن البكاء والحزن الكثير وانفراد كل إنسان بنفسه لما أصيب به).
منقول
والله اعلم