نزيف الدم المشتعل( 5 )
ألطريق الصعب
بات على كل فرد من أبناء هذه الأمة أن يحاول اجتياز طريق الظلام ألمخيف ليرى النور ألذي قد
حرم منه منذ وفاة هذا النبي الأمي صلّ الله عليه وسلم الذي تحمل كل أنواع ألأذى وتحمل جميع مشقات التعب
والرسالات التي أنزلت على كل الرسل ورغم ذلك ولم تبكى على فقدانه إلا القلة القليلة من
الكادحين في سعيهم بغية نصرة الحق وإعادة تبليغ كل ماجاء به الرسل لرسالة التوحيد ذات
الشريعة الغراء ، فالله لايفرق بين أحداً من رسله لأنهم قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك
المصير وأدوا الرسالة بقدر ما استطاعوا ، لقد قالوها جميعا لأن رسالاتهم جميعاُ قد أرسلت من لدن لطيف خبير واحد ولاشريك
له، ثم جمعهم الله والتقوا تحت صلاة واحدة في رحلة الإسراء والمعراج بإمامة المصطفى خير
الأنام وسيد المرسلين ،لست أدرى مايحمل البشر بين جنباتهم هل يحملون قلوبا تشعر بما يحيط
بهذه الأمة من نكبات أم يحملون بدلا منها قرباً بالية وجوفاء و لاتحمل إلا الضغائن والحقد
والبغضاء والافتراء على الناس ،لقد وضحت الحقائق بتقدم العلم فهو والدين جزء واحد يؤيد كل
منهما ألآخر و لاينفصلان عن حقيقة روعة الآيات، ،لقد صار عقلي يرتج بشدة وكأنني في
دوامة عنيفة أو بركان ثائر قد شل كل تفكيري لأتساءل في نفسي لماذا كل هذا من جانب هذا
المخلوق التافه الذي يريد أن يغتصب الحقائق ليدفنها في جب النسيان أو مزبلة التاريخ لقد
تفشت أنواع الظلم لنفسه وأخيه الإنسان فلم يعد برونق الخليفة لله ولا يصلح إلا ليكون عربيدا
في الأرض ثم بعد ذلك يعود للدود والطين ، وأعود فأقول إن الله الصبور الكريم الحليم العطوف له حكمة عظيمة في ذلك ، ولذلك
قال (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى قُلُوبِ اْلْذِينَ لايَعْلَمُونَ) آية59 من سورة الروم ، فحكمة الله غاية في
العدل والإنصاف بارزة وحكيمة ولن يترك الإنسان سدى والنار لن تقول كفى ولكنها لن تشبع أبداً
بل تقول لله سبحانه وتعالى :هل من مزيد؟ ، والحكمة أيضاً من بينها تفضيله سبحانه وتعالى
وانتقاءه لهذه الفئة القليلة التي تعترف بنعم الله عليها فتشكر ولا تكفر فهم أهل الذكر وقيام الليل
وصوم النهار فاأؤلئك هم الفائزون والمؤمنون حقا ، لقد ضحى الرسول براحته ونعيمه في الدنيا
من أجل العالمين جميعا وضحت أمهات المؤمنين كذلك فى قبول معيشة الزهد والتقشف والصبر
على الأذى واجتياز المصاعب حتى إنه كان يأتي الهلال ثم الهلال ثم الهلال ولا يوقد في بيت
رسول الله نار أي ثلاثة أهلة ، فأي صبر هذا وأى عزيمة هذه ألتي تتحدى تلبيد الصخور ،إنها
عظمة ولا تحتمل الشك ومن يظن أن الرسول عاش ومات فقيرا فهو مخطئ لامحالة
وخطئه فادح حيث أن الرسول في كل غزوة من الغزوات كان له الخمس ، في كل الغنائم ولكنه
كان زاهدا ومتعبدا يكره حطام الدنيا وكان يوزع تلك الغنائم التي من نصيبه على من شاء من
الفقراء والمساكين وابن السبيل ،فلا يريد أن يحتجز شيئاً لنفسه حتى أن هذه الصفة قد عم
خبرها كل الناس فالرسول المعلم وخير ماأنجبت الأرض يعلمنا ولكن كثيرا من الناس لايستفيد
من حب الإيثار وتفضيل الغير عن النفس والتمسك بالخشية والورع والصبر والرحمة فكلها
صفات حميدة تبين معنى العفاف والخلق الحسن والذي لابد أن يكون من صفات كل مؤمن يحب لقاء
الله بهذه الصورة الحسنة ولهذا أراد الله لنبيه العظيم التسمية بصفات الحمد فهو محمد ومحمود
واحمد ، فلقد عظم قدرنا الله بجعلنا من أمة محمد خاتم الرسل إن اتبعنا هذه الخُلُق وتلك الرسالة
ورضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبسيد الخلق جميعاً محمد صلّ الله عليه وسلم نبياً ورسولا ،لقد
عضّل عليه ألكافرين عبىءالرسالة وجعلوه هدفاً للتعذيب والسخرية واالأستهزاء وكان دعاؤه
إلى الله دعاء مناجاة وكان يقول في آخر الدعاء (وإن لم يكن بك غضب على فلا أبالى)هذه نبذة
بسيطة من حلاوة أخلاق النبي ، وكان الله بعلمه ألأزلي يعلم ماسوف يقدم عليه الرسول صلَّ الله
عليه وسلم فأمر الملائكة بشق صدره مرتين حتى يستطيع أن يتحمل عبء الرسالة ويتحمل
الأذى وشراسة وعنف هجوم الكفار عليه بصدر رحب وليستخرج من قلبه الغل والحسد وضيق
الصدر وكل العادات المذمومة التى يتحلى بها شرار البشر في نظرهم ،لقد يئس أكثر الرسل من شراسة
قومهم واعتداءاتهم المتكررة عليهم وعدم الجدوى في قبول النصيحة فتسرعوا ودعوا عليهم
فكان انتقام الله لأنبيائه عظيما ونحن نعلم كيف كان انتقام الله من قوم عاد وثمود وأصحاب
الرس وأصحاب الأيكة وقد وصفت كيفية هلاك هذه الأمم في سلسلتي ألمباركه ( السلسلة الذهبية
) وهى تتكلم عن الأقوام الماضية وكيف كان يمن الله عليهم بنعم عظيمة لا تحصى فلم يشكروا
ولم يتدبروا ويتفكروا كيف تكون العودة إلى الله قبل فوات الأوان فلن يلتفت أحد لدعوة الرسل أو
الرسول فمنهم من سأل عيسى أن ينزل عليهم مائدة من السماء لتكون لهم عيدا فأنزلها الله
ولكن لم يؤمنوا وسأل كذلك فرعون نبي الله موسى إن غلب السحرة آمن وإن لم يغلبهم عاقبه
وجزاه شرا فتحولت العصا إلى ثعبان عظيم والتهمت كل ما ألقه السحرة من حبال وعصى ،
وبرغم عظمة الآية لم يؤمن وقتل السحرة جميعا ،وتحدوا الرسول وخضبوه بالدماء كثيرا وفى
مرة من المرات قال لإعرابى:أرأيت إن دعوت هذا العزق من هذه النخلة أتشهد أنى رسول الله ،
قال :نعم فدعاه فجعل ينقر حتى أتاه فقال (أرجع ) فعاد إلى مكانه ، بل أن أهل مكة سألوه أن
يريهم آية فأراهم انشقاق ألقمر فقالت قريش هذا سحربن أبى كبشه ولم يصدقوه وقالوا انتظروا
ما يأتيكم به ألسفار فإن محمدا لايستطيع أن يسحر الناس كلهم ولما جاء السفار شهدوا بذلك
وبرغم ذلك لم يؤمنوا فهذه رحلة ألإنسان مع قضية الإيمان بالرسل وكلهم خاضوا العناء والعذاب
والهجر من الناس ومن أهليهم ولكنهم لم يقنطوا من رحمة الله وعونه ، ولكن الذي يميز رسول الله صلَّ الله عليه وسلم عن
باقي الرسل حتى أولى العزم منهم فلقد تحمل أضعاف ماتحملته الرسل جميعا والذي كان يبلغ
عددهم كما فى رواية أبى إمامة قال : قلت يارسول الله كم وفاء عدة الأنبياء قال صلَّ الله عليه
وسلم :مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا والرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيراً ، فهذه
بضع من رحلة الإنسان في تكذيب الرسل والقتل والفر والتنكيل والهروب من الجنة إلى النار لقد
غلب الحشرات والحيوانات وجميع المخلوقات التي لم تمتلك عقلا مثله والذي يضحك هو أنه
يستحقر تلك المخلوقات ويصفها بالغباء وعدم البصيرة برغم أنه لو بحث ودقق لوجد أن هذه
المخلوقات لم يحرمها الله من نعمة العقل ومعرفة خالقها بل هي وبرغم ضعف عقلها وصغره
تسجد وتعبد وتذكر وتعرف طريقها لما سخرها الله له ومن أجله أكثر وافضل من الأنسان ألذي
وهبه الله أفضل نعمة فى الوجود وهى المخ والعقل ففيه بلايين الخلايا التي تستطيع أن تدير
ماحولة وتسيطر وتتحكم كما تشاء بقدراتها التي تفوق كل شيء ولكنه لن يعى ولن يتدبر ، إلا
الفئة القليلة الصامدة والتي تقبض على دينها كالقابض على الجمر تتحمل وتصبر وتخشع
وتسجد وتقر بفضل الله عليها فاؤلئك هم الفائزون حقا والجميل يعود لله وحده ثم للرسول الذي
ضحى بنعيم الدنيا ليقدم لنا دينا عظيما على طبق من ذهب وحتى التقى بكم
إن كان لى فى العمر بقية أستودعكم الله
ألراجى رحمة ربه ......ساديكو