آيا صوفيا هي كاتدرائية سابقة ومسجد سابق وحاليا متحف يقع بمدينة إسطنبول بتركيا.و تعد من أبرز الأمثلة على العمارة البيزنطية والزخرفة العثمانية.
بدأ الإمبراطور جستنيان في بناء هذه الكنيسة عام 532م، وأستغرق بنائها حوالي خمس سنوات حيث تم أفتتاحها رسمياً عام 537م، ولم يشأ جستتيان أن يبني كنيسة على الطراز المألوف بل كان دائما يميل إلى ابتكار الجديد. فكلف المهندسين المعماريين Miletus of Isidoros وAthemius of Tracies ببناء هذا الصرح الدينى الضخم وكلاهما من آسيا الصغرى ويعد ذلك دليلا واضحا على مدى تقدم دارسي البناء في آسيا الصغرى في عهد جستنيان بحيث لم يعد هناك ما يدعو إلى استدعاء مهندسين من روما لإقامة المباني البيزنطية.
خلفية تاريخية
آيا صوفيا هذا الصرح الفني الرائع موجود في منطقة السلطان أحمد بالقرب من جامع السلطان أحمد كان صرح آيا صوفيا على مدار 916 عام كتدرائية ولمدة 481 عام مسجداً ومنذ عام 1935 أصبح متحفاً وهو من أهم التحف المعمارية في التاريخ. آيا صوفيا ككنيسة بنيت على أنقاض كنيسة أقدم أقامها الأمبراطور قسطنطين العظيم وأنتهت في عام 360 في عهد الأمبراطور قسطنطينوس الثاني وسمي في البداية ميغالي أكليسيا أي (الكنيسة الكبيرة) ثم سمي بعد القرن الخامس هاغيا صوفيا أي (مكان العلم المقدس) هذا ماتعنيه تسمية آيا صوفيا. هذا البناء ذو المخطط الكتدرائي ذو السقف الخشبي كان بناء آيا صوفيا الأول الذي أحترق في إحدى حركات التمرد ولم يبقى منه شيئاً، مما جعل الإمبراطور تيودوروس الثاني يقوم في بنائها ثانيتاً ويفتتحه للعبادة عام 415. ومن المعروف أن آيا صوفيا الثاني أيضاً كان ذات مخطط كتدرائي وجدران حجرية وسقف خشبي، وقد تم أكتشاف بعض بقايا هذا البناء في الحفريات التي قام بها البروفيسور أ.م.سنايدر عام 1936 حيث عثر على بقايا درج المدخل وأحجارالواجهة والأعمدة وتيجان الأعمدة وقواعد الأعمدة والتزيينات والأفاريز وهي موجودة اليوم في حديقة آيا صوفيا وأسفل المدخل. أن قدر قلعة آيا صوفيا الثاني لم يكن بأفضل من سابقه أذ أنه أحترق تماماً أثناء حركة التمرد الذي أشتعلت شرارته الأولى في مضمار آيا صوفيا عام 532م.
البناء الثالث لآيا صوفيا
بعد الحريق الثاني الذي قضى على آيا صوفيا ثانيتاً قرر الأمبراطور أيوستينيانوس الثاني (527-565)م أن يبني بناء أكبر وأعظم لآيا صوفيا فكلف أشهر معماريي العصر في ذلك الوقت وهم أيسيدروس الميليتوس وأنتيميوس الترالليسي ببنائه.والصرح القائم في يومنا هذا هو الصرح الذي بنية المرة الثالثة الذي طالت مدة بنائه منذ 532 إلى 537 م أي خمسة سنوات متتالية من دون الأنتهاء من الزخارف. وأفتتح للعبادة عام 537 م أن صرح آيا صوفيا الحالي يرى الناظر له بجلاء الخطوط الأساسية لفن العمارة البيزنطية المبكرة وكذلك تقاليد العمارة الرومانية بالأضافة للبصمة الشرقية والفن الشرقي. أن صرح آيا صوفيا يعبر لناظره للوهلة الأولى تزاوج الفن المعماري الروماني بالإسلامي مما يجعله تحفه نادرة من التحف المعمارية التي تتوسط مدينة إسطنبول التركية.
--------------------------------------------------------------------------------
كان بناء كنيسة أيا صوفيا على الطراز البازيليكى المقبب أو الـdomed Basilica ويبلغ طول هذا المبنى الضخم 100 متر وارتفاع القبة 55 متر أي انها أعلى من قبة معبد البانثيون، ويبلغ قطر القبة 30 متر.
وتعتبر قبة مسجد آيا صوفيا رائعة الجمال والتطور في ذلك الوقت فقد كانت قبة ضخمة ليس لها مثيل من قبل تبدو كأنها معلقة في الهواء، وكان ذلك امرا طبيعيا إلى حد بعيد فقد أصبح لدى المهندس البيزنطيى القدرة والخبرة القديمة الواسعة والمعرفة لابتكار ما هو ملفت وجديد. ويصف لنا المؤرخ بروكوبيوس Procopiusوهو أحد مؤرخى عصر جستنيان انه من شدة أعجاب جستنيان بالمبنى لم يطلق عليه اسم أي من القديسين بل أطلق عليه اسم الحكمة الالهية أو المقدسة " ٍSt. Sophia " ونقل أيضا عن جستنيان إنه قال "يا سليمان الحكيم لقد تفوقت عليك" ويقصد بذلك انه تفوق ببناءه علي النبي سليمان الحكيم الذي كان يسخر الجن لبناء الأبنية العظيمة.
غير أنه بعد حوالي عشر سنوات فقط من إقامة المبنى تصدع الجزء الشرقى من المبنى نتيجة حدوث هزة ارضية في إسطنبول وسقط جزء كبير من القبة الضخمة فأمر جستنيان بإعادة بنائها مرة أخرى بحيث أصبحت أكثر أرتفاعا من السابقة، وقام بتدعيم الأساسات التي ترسو عليها القبة وهذه هي القبة التي ما زالت قائمة حتى الآن، والتي استطاعت ان تصمد لكافة الأحداث منذ بنائها. وقد استمرت الكنيسة في الاستخدام كمركز للدين المسيحي لفترة طويلة حتى دخول الدين الإسلامي عام 1453 م للقسطنطينية فتمت مصادرتها وتحويلها إلى مسجد على يد السلطان محمد (الفاتح) ابن السلطان عثمان مؤسس الدولة العثمانية ولقب بالفاتح لأنه أكمل حلم والدة وقام بفتح القسطنطينية (أسطنبول حاليا) وأمر بأن يؤذن فيها عندما دخل مدينة القسطنطينية وقام السلطان محمد الفاتح بأداء أول صلاة فيها وهى ركعتين شكر لله على هذا الفتح العظيم ثم أضاف لها المأذن الأربعة حولها والتي تعتبر مأذن إسطوانية الشكل ذات قمة مخروطية والتي اضافت إلى هذا المكان وزادته رونقا وجمالا ولم تؤثر على عمارته البيزنطية وظلت أيا صوفيا مسجداً حتى بداية القرن العشرين حيث قام أتاتورك بتحويل المبنى إلى متحف حتى الآن.
عمارة المبنى
وقد جمعت كنيسة أيا صوفيا العديد من الافكار المعمارية التي كانت موجودة في ذلك الوقت بل هي تعتبر قمة المعمار البيزنطى في مجال البازيليكات. فالكنيسة مستطيلة الشكل على الطراز البازيليكى بالإضافة إلى وجود القبة في المنتصف على جزء مربع ،و يتقدم المبنى الـ Atrium الضخم الامامى المحاط بالـ Porticus من الثلاثة جوانب ثم الـ Natthex والـ Esonarthex ثم الصالة الرئيسية Nave والصالات الجانبية Aisles، ترسو فوق الصالة الرئيسية القبة الضخمة التي تستند على المبنى مربع سفلى، أو كانه عبارة عن دعامات ضخمة تحمل فوقها عقود كبيرة تحصر بينهما المقرنصات أو الـ Pendentives التي تحمل قاعدة القبة. وتستند القبة من الشرق والغرب على انصاف قباب ضخمة وترسو بدورها على عقود ودعامات سفلية تخفف الضغط على الحوائط, القبة من الداخل مغطاه بطبقة من الرصاص لحمايتها من العوامل الجوية، وكما سبق ان وضحنا تفتح في اسفلها النوافذ للاضاءة. تقع الحلية في الشرق أيضا وهي مضلعة الشكل في حين ان المعمودية في الجنوب.
ويوجد بالفناء درج يؤدى إلى الطابق العلوى المخصص للسيدات اضيف لهذا المركز الدينى بعد ذلك مجموعة من المبانى الدينية الملحقة به والتي كانت تتصل بطريقة ما بالمبنى الرئيسى، فنجد مجموعة من الكنائس الصغيرة أو Chapelsالتي تحيط بالمبنى والعديد من الحجرات سواء كانت لرجال الدين أو لخدمة أغراض الصلاة.
التصميم الداخلي
وكان الاهتمام موجها نحو تجميل المبنى وزخرفة بدرجة كبيرة من الداخل وقد استغل جستنيان جمع إمكانيات الامبراطورية لزخرفة وتزيين المبنى فجزء كبير من الحوائط مغطى بألواح من الرخام بأنواع والوان متعددة، كما زنيت السقوف بمناظر رائعة من الفرسكو والفسيفاء وبالرغم أن معظم المناظر قد غطيت في عصر الخلافة العثمانية الراشدة بطبقات من الجبس ورسم فوقه زخارف هندسية والخط العربى إلا كثيرا من هذه الطبقات سقطت وظهرت المناظر القديمة أسفلها
[b]
من المربع إلى الفلك اللانهائي
ويعتقد المعماريون السويسريون أن اختيار المربعين المتعامدين كان على الأرجح للحصول على دائرة أبراج النجوم السماوية، ومركزها القطب الشمالي للأرض، ثم هبط الرسم الأصلي بأربعة أعمدة تحمل أطراف القبة من الدائرة التي ترتكز عليها، في إشارة إلى الجهات الأصلية الأربعة.
قد يبدو الأمر عاديا إلى هنا، لكن المثير الذي توصلت إليه هذه الدراسات هو أن ربط الخطوط التي تصل بين رؤوس زوايا القبة والقاعة التي تغطيها وما حولها من غرف يعطي رسما مطابقا تماما لعلامة "لانهاية" الرياضية، والتي عرفها الفلكيون القدامي بحركة دوران بعض النجوم والكواكب.
ولايعتقد فريق البحث العلمي الدولي أن هذه العلامة كانت بالصدفة، بل يذهبون إلى أن هناك بعدا روحانيا وربما صوفيا وراء هذا التصميم، الذي جاء أولا على الورق وبعد ذلك إلى التنفيذ المعماري، كما استخدم البناؤون آنذاك نفس الأسلوب في جميع أروقة البناء، وحتى القاعات المتشعبة منه، إذ تم تصميم الغرف والقاعات المتاخمة للبهو الرئيس لتدور كلها في علامة المالانهاية، يمثل نقطة التقاء مسارها في الفراغ مركز القبة المركزية، وطبقا لمعادلات الإحتمالات فلا يمكن أن تكون هذه التصميمات قد جاءت بالمصادفة.
ولتأكيد هذه النتيجة قام المعماريون السويسريون ببناء هيكل مصغر لآيا صوفيا، استخدموا فيها الرسومات التي تم التوصل إليها واستكمال ما نقص منها بحسابات المنطق وعن طريق الحاسب الآلي بالطبع، فكانت النتيجة أن الشكل الذي توصل إليه الباحثون مطابق تماما لهيكل المبنى الأصلي في اسطنبول، وهو ما يعني بأن المراحل التي تم تصميم وبناء آيا صوفيا مرت بنفس الخطوات التي توقعها فريق الباحثين، أي اولا التصميم على الورق من المربع، ثم الإنطلاق من مركزه إلى القبة، وبقية الأجزاء.
وتقول السيدة ماري آن ليرين المسؤولة الإعلامية عن المعرض في حديثها إلى سويس انفو، بأن اقبال طلبة هندسة العمارة والعامة والمؤرخين والباحثين في تاريخ تركيا والمسيحية المبكرة كان كبيرا للغاية لمشاهدة هذه اللوحات رغم الفترة القصيرة للمعرض الذي ينتظم من 20 أبريل إلى 18 مايو الجاري فحسب.
وقد اعتبر المتخصصون أن اسلوب البناء هذا يؤكد ترابط العلوم والمعارف في تلك الفترة، إذ ارتبط علم الفلك بالروحانيات مع وكان له أثره على الرياضيات فوضع الجميع في قالب فلسفي تجسد في هذا المبنى، وهو ما يعكس تأثير المعرفة والعلم على صناع القرار في ذاك العصر.
النتيجة التي خلص إليها فريق البحث الدولي هي أن هذا البناء تم تصميمه وتشييده بشكل منطقي رصين، نقل حركة الكون اللانهائية لتدور في رحاب ذلك المكان وتتمركز كلها حول نقطة واحدة فقط، حتى وان تشعبت وتعددت الزوايا والإتجاهات.
أخيرا يؤكد المعرض أنه لم يتم التعرف إلى اليوم على بناء مماثل تم تصميمه بهذا الشكل المعماري والهندسي الدقيق، واتبع هذا المنطق الفلسفي الديني الروحي في مراحل تشييده
اساطير حول ايا صوفيا
هناك حكايات أسطورية تحكي سبب بناء هذا الأثر، منها أنَّ الأمبراطور جوستينان حلم ذات ليلة، فرأى في الحلم أنَّ رجلاً عجوزاً وقف في موضع المسجد الحالي، وحمل بيديه صينية عليها خريطة البناء، وأمره بتشييد كنيسة حسب مواصفات الخريطة، وعندما أفاق الأمبراطور من نومه استدعى مهندسه المعماري الذي وجده قد رأى نفس وقائع الحلم وبنى هذه الكنيسة.