مفكرين !!
بقلم ابوهشام2009
يحكي أنه في أحد الأيام
طاردت الكلاب ثعلبا
وكادت أن تمسك به
لولا أنه دخل في جحر لم تستطع الكلاب أن تدخله
وظلت الكلاب تنبح خارج الجحر ,
وعندما التقط الثعلب انفاسه
فكر مع نفسه وقال ِ
شكرا لأذناي اللتان سمعتا صوت الكلاب وحذرتني
وشكرا لأنفي الذي شم رائحتها
وشكرا لأطرافي التي ركضت أسرع من الكلاب
وشكرا لعيناي التي لاحظت هذا الجحر الذي أنقذني
وهكذا حتى وصل إلى ذيله فنظر إليه وقال:
أما أنت ياعديم الفائدة فلم تفعل أي شيئ لإنقاذي
ولا أراك سوى ثقلا لايرجى منه خير
وسأرميك للكلاب تفعل بك ما تشاء
ثم استدار وأخرج ذيله من الجحر
فأمسكت به الكلاب وسحبت الثعلب إلى خارج الجحر ومزقته إربا .
عندما أسمع في الأخبار عن الصراعات القومية والطائفية في الدول العربية
واقرأ التصريحات التي تنادي كل منها بطرد المكون الآخر للمجتمع
واعتباره دخيلا إضافيا وعديم الفائدة أتذكر هذه القصة ,
فالمجتمع كل المجتمع باقلياته وأغلبيته هو جزء واحد لايتجزأ
ولايمكن فصلهم عن بعضهم
وأن مايحصل بين المسلمين والأقباط في مصر
والشيعة والسنة في الخليج والعراق
والعرب والأمازيغ في المغرب العربي
والمسلمين والمسيحيين في فلسطين ولبنان
ليس سوى مصيبة فكرية واجتماعية واقتصادية وثقافية
تهدد كيان كل مجتمع وتجره إلى الويلات والثبور وعظائم الأمور .
لايمكن السماح بنمو أفكار متطرفة
تنادي بطرد أي مكون من مكونات الشعوب
ولايمكن أن نسمح بان ينادي البعض بالقضاء على البعض الآخر
أو طرح شعارات بأن البلد هو ملك لفئة معينة
ويجب على مكونات المجتمع الأخرى أن تكون خاضعة ومطيعة لها
وإلا فالطرد والتهجير سيكون مصيرها ,
إذ أن مثل هذه الأفكار قادرة على إثارة الحروب
وإشغال البلاد والعباد في فتن ومهاترات لاطائل منها تستنزف كل موارد الشعوب
والتي هي أصلا محدودة .
والأنكى عندما تجد مثقفين أو من يسمون أنفسهم مفكرين وفلاسفة
يتبنون هذا اللون من الخطاب العنصري
ويجدون له التبريرات التي غالبا ما تكون واهية
وتستند إلى قصص تاريخية لايعلم أحد صحتها من سقمها
ليعتبرونها أدلة دامغة تبرر مطالبتهم بالغاء قشر كامل من المجتمع
واعتباره أنه لم يكن ولاوجود له على أرض الواقع
وأن هذه الفئة من المجتمع لايحق لها أن تتمتع بأي مزايا بسبب الدين أو المذهب أو القومية أو اللغة
كما أن الشخص الذي يكتسب جنسية أي بلد عربي
حتى لوكانت عن استحقاق فأنه يبقى يعامل على أنه أجنبي حتى لأجيال من بعده .
إن العنصرية والشوفينية وسياسة الأنف المرفوع والتعالي على الآخرين لم تعد تجدي نفعا في القرن الواحد والعشرين والتغني بامجاد الأجداد لن يغير واقع الذل الذي يعيشه الأحفاد
فكفانا تهريجا وسخافات ولنتجه لما ينفع من بناء وتعمير وزراعة وصناعة وأدب وثقافة
علنا نقلص الهوة السحيقة التي تفصلنا عن العالم وحضارته في جميع المجالات
حتى أصبحنا عالة على البشرية .
يجب أن يفهم الجميع
أن حق المواطنة مكفول لكل من يعيش على أرض أي بلد
دون أي اعتبار للونه او دينه أو عرقه أو طائفته
ولايجب أن يكون الشخص ينتمي إلى بلد ما من زمان سيدنا آدم لكي تكون له حقوق المواطنة فيه
وأن الملاك الوحيد لتقييم أي شخص
هو ولائه لوطنه أرضا وحكومة وقانون ومقدار خدمته لهذا الوطن على جميع الأصعدة .
علينا أن نضع أيدينا في أيدي بعض ولانستمع إلا لخطاب العقل والمنطق
في تعاملنا مع شركائنا في الوطن
وأن نسعى لما فيه الخير لكل الوطن وكل مواطن
وأن لانستمع أبدا إلى التحريضات الأجنبية خصوصا عندما تدعي الدفاع عن إحدى مكونات الشعب
ضد مكوناته الأخرى
فالغريب لن يكون أحن على ابن الوطن من أخيه والأجانب لايسعون سوى إلى إثارة النزاعات
كي تشكل موطئ قدم لهم عبر محاولة حلها ولعب دور الوسيط في نزاع هم اصلا من أشعله ويغذيه .
ولنذكر قوله تعالى:
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ
وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِإِخْوَاناً
وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }
آل عمران 103