من المواعظ والحكم
يا أيها الأعزل احذر فراسة المتقى, فانه يرى عورة عملك من وراء ستر "اتقوا فراسة المؤمن" أخرجه الترمذي في التفسير 5\278(3127).
سبحان الله:
في النفس كبر ابليس, وحسد قابيل, وعتو عاد, وطغيان ثمود, وجرأة نمرود, واستطالة فرعون, وبغى قارون, وقحّة هامان (أي لؤم), وهوى بلعام (عرّاف أرسله ملك ليلعن بني اسرائيل فبارك ولم يلعن), وحيل أصحاب السبت, وتمرّد الوليد, وجهل أبي جهل.
وفيها من أخلاق البهائم حرص الغراب, وشره الكلب, ورعونة الطاووس, ودناءة الجعل, وعقوق الضب, وحقد الجمل, ووثوب الفهد, وصولة الأسد, وفسق الفأرة, وخبث الحية, وعبث القرد, وجمع النملة, ومكر الثعلب, وخفة الفراش, ونوم الضبع.
غير أن الرياضة والمجاهدة تذهب ذلك. فمن استرسل مع طبعه فهو من هذا الجند, ولا تصلح سلعته لعقد: {ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم} التوبة 111, فما اشترى الا سلعة هذبها الايمان, فخرجت من طبعها الى بلد سكانه التائبون العابدون.
سلم المبيع قبل أن يتلف في يدك فلا يقبله المشتري, قد علم المشتري بعيب السلعة قبل أن يشتريها, فسلمها لك والأمان من الرد.
قدر السلعة يعرف بقدر مشتريها, والثمن المبذول فيها, والمنادي عليها, فاذا كان المشترى عظيما, والثمن خطيرا, والمنادي جليلا, كانت السلعة نفيسة.
يا بائعا نفسه بيع الهوان, لو اس ترجعت ذا البيع قبل الفوات, لم تخب
وبائعا طيب عيش ماله خطر, بطيف عيش من الآلام منتهب
غبنت والله!! غبنا فاحشا, ولدى يوم التغابن تلقى غاية الحرب
وواردا صفو عيش كله كدر, أمامك الورد حقا ليس بالكذب
وحاطب الليل في الظلماء منتصبا لكل داهية, تدني من العطب
ترجو الشفاء بأحداق بها مرض فهل سمعت ببرء جاء من عطب
ومفنيا نفسه في ﺇثر أقبحهم وصفا للطخ جمال فيه مستلب
وواهبا نفسه من مثل ذا سفها, لو كنت تعرف قدر النفس لم تهب
شاب الصبا, والتصابي بعد لم يشب, وضاع وقتك بين اللهو والعب
وشمس عمرك قد حان الغروب لها, والفيء في الأفق الشرقي لم يغب
وفاز بالوصل من قد جد, وانقشعت عن أفقه ظلمات الليل والسحب
كم ذا التخلف, والدنيا قد ارتحلت, ورسل ربك قد وافتك في الطلب
ما في الديار, وقد سارت ركائب من تهواه, للصب من شكر ولا أرب
فأفرش الخد ذياك التراب, وقل ما قاله صاحب الأشواق والحقب
ما ربح مية محفوفا يطيف به غيلان, أشهى له من ربعك الخرب
ولا الخدود ولو أدمين من ضرج أشهى الى ناظري من خدّك الترب
منازلا كان يهواها, ويألفها أيام كان منال الوصل عن كثب
فكلما جليت تلك الربوع له, يهوى اليها هوى الماء في الصبب
أحيي له الشوق تذكار العهود بها, فلو دعا القلب للسلوان لم يجب
هذا, وكم منزل في الأرض يألفه وما له في سواها الدهر من رغب
ما في الخيام أخو وجد يريحك ان بثثته بعض شأن الحب, فاغترب
وأسر في غمرات الليل مهتديا بنفخة الطيب, لا بالعود والحطب
وعاد كل أخي جبن ومعجزة, وحارب النفس, لا تلقيك في الحرب
وخذ لنفسك نورا تستضيء به يوم اقتسام الورى الأنوار بالرتب
******
ان كان يوجب صبري رحمتي فرضا بسوء حالي وحل للضنا بدنى
منحتك الروح لا أبغي لها ثمنا الا رضاك ووافقري الى الثمن
******
أحن بأطراف النهار صبابة وبالليل يدعوني الهوى فأجيب
******
واذا لم يكن من العشق بد فمن العجز عشق غير الجميل
******
فلو أن ما أسعى لعيش معجل كفاني منه بعض ما أنا فيه
ولكنكما أسعى لملك مخلد فوا أسفا ان لم أكن بملاقيه