مظاهرات اليمن ـ إرهاصات ثورة أم رد فعل عاطفي مؤقت؟
يشهد اليمن حالياً مظاهرات احتجاجية تطالب بتغيير النظام، تصدت لها الشرطة ومتظاهرون يقال إنهم أمنيون بزي مدني. فهل يسير "اليمن السعيد" على خطى تونس ومصر؟ دويتشه فيله حاورت المحلل السياسي اليمني سعيد الصوفي حول هذا الموضوع.
دويتشه فيله: يشهد اليمن ويشهد مظاهرات احتجاجية منذ أيام. فما هي أخر تطورات الوضع ميدانياً؟
سعيد الصوفي: بالنسبة للوضع الميداني اليوم ( الأحد 13 فبراير/ شباط) خرجت مظاهرتان كبيرتان في كل من العاصمة صنعاء ومحافظة تعز. وقد فوجئ المتظاهرون، وهم من شباب الجامعات، بالقمع من قبل أفراد من أجهزة الأمن يرتدون ملابس مدنية.
من يقود هذه المظاهرات في حقيقة الأمر؟
في الحقيقة الشباب هم الذين يقودون هذه المظاهرات، وشباب الجامعات بالذات.
هل هي عفوية أم أن هناك جهات معينة تقف خلفها؟
لا، ليست هناك جهات تقف وراء هذه المظاهرات، بل إنها تنظم من قبل شباب الجامعات أنفسهم، ومن قبل من يطلق عليهم بـ"شباب الفيسبوك".
لكن الإنترنت في اليمن غير منتشر بشكل كبير ومن ثم يصعب القول إن "ثورة الفيسبوك" قادمة في اليمن.
هذا أكيد، لكن هناك احتقانات كبيرة في المجتمع اليمني.
هل هم فقط شباب الجامعات أم من فئة الشباب عموماً وربما من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل؟
هم فعلا شباب من طلاب الجامعات ومن الجامعيين العاطلين عن العمل ومن فئة الشباب عموما وحتى أيضا من طلاب المرحلة الثانوية.
ما هي أهم مطالب المتظاهرين؟
مطالبهم تتلخص عموماً في التغيير.
ألم تكن تعهدات الرئيس على عبد الله صالح بعدم الترشح لفترة رئاسية قادمة وعدم توريث الحكم والبدء بإصلاحات سياسية واقتصادية كافية لإقناع المتظاهرين؟
أعتقد أن التعهدات التي قطعتها السلطة السياسية اليمنية على نقسها مراراً وتكراراً جعلت الناس لا تصدق وأفقدت السلطة مصداقيتها أمام الجماهير.
يعني الشارع اليمني لم يعد يصدق رئيسه؟
بالتأكيد.
ما مدى إصرار المتظاهرين على مواصلة الاحتجاجات حتى "سقوط النظام" كما يقولون؟
أعتقد أن الاستعداد لدى الشباب موجود، لكن لا أعتقد أنه سوف يصل إلى حالة عامة في المجتمع.
هل تقصد أن ما حدث في تونس ومصر لن يتكرر في اليمن؟
قد يتكرر، ولكن في ظروف أخرى وبشروط مختلفة.
ما هي؟
اليمن ظروفها مختلفة، حيث توجد فيها تكوينات قبلية واجتماعية مختلفة، كما أن هناك قوى اجتماعية متعددة، هذا بالإضافة إلى أن الشعب اليمني شعب مُسلَّح.
هل يعني هذا أن الشعب اليمني لم يصل بعد إلى مرحلة النضج اللازمة للقيام بثورة؟
اعتقد أن مؤشرات الثورة موجودة...
لكن؟ هل ينقصها من يقوم بها، أم ماذا؟
ربما قد يكون العامل الذاتي لم ينضج بالشكل الكافي بعد.
في ظل الخصوصية اليمنية: وجود حركة انفصالية في الجنوب وتوتر في الشمال، تهديدات تنظيم القاعدة، إضافة إلى انتشار ظاهرة السلاح. فإلى أي مدى تشكل هذه الظروف وغيرها خطراً على اليمن في حالة اتساع رقعة الاحتجاجات وربما سقوط النظام؟
بالإضافة إلى ما ذكرت هناك سيادة البنية القبلية والأسرية في المجتمع اليمني، ولكني أرى الأحزاب السياسية المعارضة، ممثلة بتحالف "اللقاء المشترك"، أكثر تماسكاً وتمثل البديل في حالة سقوط النظام.
لكن أحزاب اللقاء المشترك أعلنت القبول بمبادرة الرئيس اليمني ومعاودة الحوار والجلوس مع السلطة على طاولة الحوار. فهل تعتقد أنها خذلت أو انسلخت عن الشارع، كما يقول البعض؟
لا، هي لم تنسلخ ولم تخذل الشارع، لكنها مع الحوار كمبدأ، كما عرفت من خلال تصريحات قيادة المشترك، فأنا لست عضواً في اللقاء المشترك ولا قيادياً فيه، لكني اعتقد أنهم مع الحوار كمبدأ أساسي لصيانة الوضع في البلد وإحداث التغيير بشكل سلمي. وهم يشترطون عدم ربط الحوار مع السلطة باحتجاجات الناس والتعبير عن آرائهم سلمياً.
يعني يضعون رِجلاً في القصر الجمهوري وأخرى في ميدان التحرير؟!
ليس هذا بالتحديد، فالحوار لا يعني أن تكون في صف السلطة.
ولكن من المعروف أن الجماهير، وليس الأحزاب، هي التي قادت ثورتي تونس ومصر.
بكل تأكيد، وأنا أقول إن الجماهير هي التي ستقود الثورة، وكنت قد قدمت مداخلة في ندوة قبل أشهر قليلة قلت فيها إن الجماهير اليمنية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات والنقابات ستقود الثورة. وهذا فعلا ما حصل في تونس وفي مصر.
الجيش التونسي لم يتدخل بشكل كبير في قمع المظاهرات والجيش المصري وقف على الحياد تقريباً. فمع من سيقف الجيش اليمني في حالة تصاعدت المواجهات بين المتظاهرين والنظام؟
أعتقد أن الخطورة تكمن هنا، فالجيشان التونسي والمصري أثبتا أنهما مؤسستان وطنيتان. أما الوضع في اليمن فأعتقد أنه مختلف، فلم يعد الجيش مؤسسة وطنية، وإنما أصبح إلى حد كبير مؤسسة أسرية. وإحدى مطالب المتظاهرين في هذا الجانب هي مطالبة رئيس الدولة بإزاحة أبنائه وإخوانه وأقربائه من قيادات المؤسسات العسكرية والأمنية. وأنا لا اعتقد أن الرئيس سيفعل ذلك على الأقل في الوضع الحالي، لكن ربما تحت إلحاح الظروف قد يفاجئنا!