السؤال : كنت أبحث عن إرشاد حول ما يجب أن أفعل مع فتاة أود أن أتزوجها لكن علاقتنا بدأت عن طريق المراسلة عبر الإنترنت وقد بحثت في الفتاوى فوجدت أن بعض الفتاوى ذكرت أنه لا حرج من ذلك بعد التأكد من المرأة ودينها وأهلها ، ووجدت فتاوى أخرى تحذر من الزواج بهذه الطريقة وتأمر بالابتعاد تماماً وقطع الصلة وعدم الزواج بهذه الطريقة . فما هو الرأي الصحيح القائم على القرآن والسنة. وأنا أناشدكم رجاء أن تجيبوا على هذا السؤال بالتفصيل لأنى متأكد أن الكثير من الناس يواجهون اليوم هذه المشكلة مع تزايد التراسل عبر الإنترنت. وبارك الله فيكم جميعا
الجواب :
الحمد لله
ينبغي ـ أيها الأخ الكريم ـ أن نفرق هنا بين أمرين مهمين في هذه المسألة :
الأمر الأول : هو حكم هذه المراسلة التي تكون بين الشباب والفتيات ، والدخول في علاقات تعارف ، ومحادثة ، فهذا أمر محرم ، قد نبهنا على تحريمه في أجوبة عديدة ، يمكن مراجعتها في الموقع .
ولا يشفع لذلك أن يكون قصد أحد الطرفين ، أو كليهما البحث عن الفتاة المناسبة للزواج بها ، أو أن تبحث هي عن الرجل المناسب للزواج ، فإن هذا بحث في عالم مجهول ، لا يمكن التحقق فيه من أي شيء من المواصفات التي ينبغي على الخاطب أن يبحث عنها ، فضلا عما يعتري هذه الباب من عدم الجدية المطلوبة في أحيان كثيرة ، وعدم الصدق في الدلالة على ما عند كل طرف من المواصفات ، وأمور أخرى في هذا الباب ، يعرفها كل من ولجه .
والأمر الثاني : وهو في حال حدوث ذلك فعلا ، أي أنه قد بدأ في حلقة التعارف فعلا ، سواء كان ذلك عن جهل بتحريم هذه العلاقات ، أو أنه رأى أن القصد الحسن (طلب الزوج المناسب) مما يبيح ذلك ، أو أنه قد دخل ذلك كما يدخل أكثر الناس ، من غير أن يهتم بمعرفة ما إذا كان ذلك حلالا أو حرما ، أو انسياقا وراء هواه وشهوة نفسه ؛ فإذا سأل مثل هذا : هل بإمكانه أن يمضي في إتمام الزواج أم لا ؟
فالجواب : أننا لا ننصح ـ بصفة عامة ـ بمثل هذه الزواجات ، وذلك لأن عنصر الثقة بالمعرفة اللازمة للطرفين غير موجود ، وإنما هي معلومات يدلي بها كل طرف عن نفسه ، وربما تمكَّن الهوى وتعلق كل طرف بالآخر ، قبل أن يتحقق من صلاحيته للزواج ، أو وجود المواصفات اللازمة لنجاح ذلك .
لكن ـ مع ذلك ـ قد تكون هناك بعض الحالات ، يمكن القبول بإتمام الزواج فيها ، على الرغم من خطأ البداية ، فقد تكون هذه البداية عن جهل بالحكم كما قلنا ، أو زلة لا تمثل انطباعا عاما عن الشخصية ، وأمكن التحقق من المواصفات اللازمة في كل من الطرفين ، فهنا قد يكون من المقبول ـ في حالات بعينها ـ أن يتم الزواج الذي بدأ بهذه الصورة .
ويقوى السماح بذلك إذا كان قد حدث تعلق من الطرفين ، بحيث يصبح من الشاق افتراقهما ، فهنا ينصحان بالتوبة من هذه العلاقة المحرمة ، ويؤكد عليهما الاستقامة على أمر الله تعالى ، ثم لا حرج عليهما في إتمام هذا الزواج .