تستقبل المرأة خبر حملها للمرة الاولى بفرح كبير وسعادة لا توصف لانها ستصبح أما، وتحظى طيلة فترة حملها برعاية خاصة من المحيطين بها سواء من افراد عائلتها او عائلة زوجها، لانها سترزق بمولود سيملأ البيت مرحا وصخبا. الكل مستعد لإسداء المساعدة والنصيحة إذا احتاجت إلى ذلك، بدءا من جارتها القريبة وحتى صديقتها البعيدة، لكن بمقابل كل هذا الاهتمام بالام الجديدة، لا احد يهتم بالاب ومشاعره، رغم انه يكون بحاجة الى من يدعمه ويبعد عنه مخاوفه، أو يجيب عن بعض اسئلته الكثير، خصوصا أنه لا يستطيع التعبير عنها خجلا او مكابرة. فالشائع في مجتمعاتنا أن الرجل يستقبل خبر حمل زوجته بفخر كنوع من اثبات الرجولة، والقليل فقط يعرفون أن هناك حالات كثيرة تثبت العكس تماما، اي الرفض المسبق للابوة نتيجة اسباب عديدة اما نفسية او مادية.
ويقول المجربون والخبراء ان السبب يعود إلى مخاوف دفينة، ويضيفون ان أغلب الأسئلة التي تشغل باله تكون ناتجة عن هذه المخاوف مثل: هل سيؤثر المولود القادم على علاقته بزوجته، التي قد تهمله وتصب كل اهتمامها بالضيف الصغير؟ هل سيكون قادرا على توفير كل احتياجات هذا الأخير من طعام ولباس وحفاضات؟ هل ستشكل حاجياته عبئا اضافيا على ميزانية البيت؟ وتتفاوت نسبة هذه المخاوف من رجل إلى آخر، لكن بعض الدراسات تشير إلى اصابة بعضهم باعراض مرضية عضوية، مثل اوجاع الظهر ومشاكل الهضم، اثناء فترة حمل زوجاتهم، بحيث يتعدى الأمر بالنسبة لهم التقلبات النفسية والشعورية، وهو ما يصطلح عليه طبيا بـ «الحمل العصبي» او «الرجل الحامل». تقول الهام وهي معلمة في الـ30 من العمر انه بعد زواجها مباشرة حملت بطفلها الاول، وكانت تعتقد ان زوجها سيطير فرحا عندما تخبره بحملها، لكن المفاجاة التي لم تكن تتوقعها، هو غضبه الشديد إلى درجة مطالبته لها بالاجهاض، مبررا الأمر بأنهما لم يخططا للحمل ولم يكن يعرف بشوقها إلى الأمومة بهذه السرعة. كان الأمر عصيبا بالنسبة لها فهي لا يمكن ان تتخلص من الجنين الذي حلمت به طويلا، وهو كان مصرا على موقفه الذي لم يتراجع عنه إلا بعد تدخل كبار افراد العائلة. وتقول إلهام انها فهمت فيما بعد اسباب تصرف زوجها واعترفت انها كانت مخطئة عندما اعتبرت ان قرار حملها يخصها لوحدها، وأنها لم تفهم حينها أن ردة فعله المفاجئة والقاسية كانت نتيجة شعوره بالقلق والخوف من التغيير الذي سيطرأ على حياته والذي لم يكن مستعدا له.
اما رشيدة وهي طبيبة في الـ 28 من العمر، فقالت انها قررت وشريك حياتها الإنجاب بعد مضي عام على زواجهما، الا انها تفاجأت به يستقبل الخبر بفتور لم تكن تتوقعه. ولم يقتصر الأمر على هذا لأنه تغير واصبح منطويا على نفسه، يتفادى الحديث معها عن الطفل القادم وكانه امر يخصها لوحدها. وتتابع رشيدة انها لم تقتنع بوجود اسباب نفسية لهذا التغيير، سوى خوفه من المصاريف الاضافية التي يتطلبها الطفل الجديد، خصوصا ان زوجها كان يتسم بالبخل الشديد. تقول المحللة النفسية فاطمة الكتاني انه «لا يمكن الحديث عن اسرة الا بعد ولادة الطفل الاول، اما قبل ذلك فهي مجرد علاقة رجل بامرأة داخل مؤسسة الزواج، وبالتالي فإن الرجل لا يشعر بالمسؤولية، من الناحية النفسية والفعلية، إلا عندما يصبح ابا «وهذه المسؤولية تولد لديه شعورا بالقلق والخوف يحاول عادة إخفاءه عن الاخرين، وفي حالات اخرى قد يظهر في شكل رفض قاطع للمولود القادم الى حد مطالبة زوجته باجهاضه». ولتفادي الوقوع في مثل هذه المشاكل تنصح الكتاني الزوجين بالتخطيط المشترك لموعد الحمل، حتى يتهيآن نفسيا للحدث.
وتضيف ان المرأة اثناء فترة الحمل، تعاني من متاعب صحية وارهاق بدني، وهو امر طبيعي،الا ان بعض النساء كما قالت، يبالغن في اظهار هذه المتاعب لكي يستدررن عطف الزوج واهتمامه، في الوقت الذي يكون هو ايضا بحاجة الى الاهتمام والرعاية. ويزيد الأمر سوءا بعد الولادة، إذ قد يشعر بالغيرة من طفله، ويدفعه ذلك الى الابتعاد عن البيت او سوء معاملة زوجته، لذلك تؤكد على إشراك الزوجة زوجها في كل مراحل الحمل والاهتمام بالجنين طيلة مراحل نموه، لانه بحاجة الى حنان الابوين معا حتى وهو في بطن امه، وان لا تتصرف بانانية، وتشعر زوجها بان الطفل القادم هو ملكها فقط وأنه الأهم في حياتها.