بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
أقبل رمضان ووفقك الله لإدراك أيامه ولياليه، فاحمد الله عز وجل على ذلك، وحتى تفرح برمضان وترجو فضل الله عز وجل فيه، أسوق إليك بعض الإشارات السريعة سلائلاً الله عز وجل لي ولك التوفيق والقبول.
1-المحافظة على تكبيرة الإحرام مع الجماعة، فقال صلى الله عليه وسلم: «من صلى لله أربعين يوماً في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان، براءة من النار، وبراءة من النفاق».رواه الترمذي
2-المحافظة على السنن الرواتب، فقال صلى الله عليه وسلم: «من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة، أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر». رواه النسائي
3-المحافظة على الوضوء خاصة مع قلة الأكل والشرب طوال النهار، قال صلى الله عليه وسلم «ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن». رواه ابن ماجة.
4-شهر رمضان شهر القرآن، فكيف احتفاءك به وفرحك به؟ اجعل لنفسك نصيباً ثابتاً كل يوم وتواظب عليه، قال صلى الله عليه وسلم: «اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه». رواه مسلم.
5-الصلاة على الجنائر وتشييعها وقد ورد الفضل في ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: «من شهد الجنائز حتى يصلي عليها فله قيراطان ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان» قيل وما القيراطان؟
قال: «مثل الجبلين العظيمين». رواه البخاري ومسلم
6-في موسم كهذا يسعى المسلم إلى التقرب إلى ربه، ومن أعظنم تلك الأعمال كثرة السجود، قال صلى الله عليه وسلم لثوبان: «عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحط بها عنك خطيئة». رواه مسلم
7-اجعل هذه الساعات والدقائق بداية عود إلى الله وتوبة إليه فالنفوس متفتحة والقلوب يلامسها الخير، فارجع إلى ربك وتب إليه، وجدد العزم على عدم العودة للذنوب والآثام، واسأل الله أن يبدل حالك ويقبل توبتك وأبشر بمحبة الله لك، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]
9-تعجيل الإفطار وتأخير السحور: «تسحروا فإن في السحور بركة» متفق عليه
10-الاستغفار في الأسحار هو شعار الأخيار فقد أثنى الله عليهم {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات: 18]
قال الشيخ السعدي رحمه الله: "للاستغفار بالأسحار فضيلة وخصيصة ليست ليغره". وهي مظن إجابة الدعاء، والله تعالى ينادي عباد: «من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له».رواه البخاري.
11-أكثر من الصدقة والإنفاق في شهر رمضان فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان، ومما يساعد على ذلك جعل حصالة في المنزل، ولا تدع يوماً إلا جعلت فيها مبلغاً أنت وزوجتك وأهل بيتك، ثم في نهاية الشهر ادفعها للفقراء والمساكين.
12-إن لم تكن حافظاً لكتاب الله فراجع قصار السور واحرص على ترديدها عن ظهر قلب في الطريق إلى المسجد وفي السيارة وعلى جنبك أو قاعداً، وجرب وسترى حرصك الشديد يظهر بعد أيام قلائل، وسوف تجد حلاوة كتاب الله عز وجل، وربما كان هذا دافعاً لحفظ ما بقى من القرآن.
13-حث النبي صلى الله عليه وسلم على الجلوس في المصلى للذكر حتى تطلع الشمس «من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة».
قال صلى الله عليه وسلم: «تامة تامة تامة». رواه الترمذي
ولك في رمضان أجر ثلاثين حجة وعمرة، إذا جلست أيام الشهر كاملة، وبالحساب نجد أنك لن تقوم بعدد هذها العمر ربما في حياتك كلها، فلله الحمد والمنة.
14-احرص على الدعاء والتضرع وتحر أوقات الإجابة ومظانها، وابتعد عن موانعها، واسأل الله الجواد الكريم من ضله ورحمته.
15-ليكن للدعوة إلى الله نصيب في يومك وليلتك، قال صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله». رواه مسلم.
16-صلة الأرحام واجبة، وفي هذا الشهر يحسن فتح القلوب وإزالة إحن النفوس، ولعل الزيارة فيها دعوة وخير مع عدم الإطالة والإثقال على الأقارب ولا تنس الهدية حتى وإن كانت يسيرة.
17-غجعل لك وقفاً في هذا الشهر العظيم، والوقف من أعظم الأبواب وأوسعها نفعاً، اجعل لك مثلاً: مصحفاً أو ثلاثة أو عشرة، في بعض المساجد خارج البلاد يتم توزيع المصحف ورقة ورقة على المصلين لعدم وجود مصاحف لديهم ثم قبل دخول الخطيب يتم جمعها وحفظها، قال صلى الله عليه وسلم: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، «علماً عمله ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يحلق به من بعد موته». حسنه الألباني.
18-بر الوالدين واجب عظيم، سواءً أكانوا أحياء أم أمواتاً وسواء في رمضان أو غيره، ومن أعظم أنواع البر إدخال السرور عليها وقضاء حوائجهما والتبسط في الحديث معهما قال صلى الله عليه وسلم: «رغم أنفه، ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه»
قيل: من يا رسول الله؟
قال: «من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة».رواه البخاري
19-الإحسان إلى العاملين معك من خدم وأجراء أو من تراهم من العمالة في الشوارع والطرقات والمساجد، فبإلقاء السلام والمصافحة لهم تدخل السرور عليهم ولو دعوتهم لمنزلك لتتناول وجبة الإفطار لأحسنت إلى نفسك وإليهم، قال صلى الله عليه وسلم: «من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار». رواه ابن خزيمة مطولاً.
20-التودد إلى الزوجة والأبناء وتعليمهم أمور دينهم وحثهم على الطاعة والعبادة والإحسان، إليهم في كل شيء، فهذا شهر الإحسان.
21-تعلم العلم ولو القيل، ومن المناسب تعلم أمر التوحيد وإخلاص العبادة لله وكذلك أمر الصلاة بأركانها وواجباتها وسننها، وتوجد كتب وأشرطة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يعينك على التميز في هذا الشهر:
1-السعي لإصلاح قلبك مما لحقه من فساد، ودواؤه في خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتدبر، وخلو البطن وقيام الليل، والتضرع عند السحور ومجالسة الصالحين.
2-أغلق نوافذ الشر في منزلك من قنوات فاسدة ومجلات هابطة، فليس بهذا يستقبل الشهر وليس بهذا ترجو رحمة ربك ومغفرته.
3-تخلص من العادات السيئة والمحرمة كالغيبة والنميمة والشتم والسب، اجعله شهر تميز، فتقرب فيه إلى ربك ومولاك سبحانه وتعالى حتى يقربك ويدنيك.
4-احمد الله على نعمة الحياة، وإدراك هذه الأيام الفاضلة، فقد لا يعود لك رمضان القادم، وقد لا تتم رمضان الحالي، فإنما حياتك أنفاس.
5-اعتزل مجالس الناس إلا ما كان ضرورياً، واهجر الاستراحات وأماكن اللهو وإضاعة الأوقات فهذه فرصة لا تعود.
6-الزم الإخبات والتذلل والتضرع لربك، وأره ضعفك وارفع إليه شكواك وحاجتك، فأنت محتاج إليه في كل لحظة وطرفة عين.
7-استشعر الأجر والمثوبة واحمد الله أن من عليك بإدراك هذا الموسم العظيم، ومن شكر النعمة القيام بحقها.
8-قلب نفسك في أنواع العبادات والطاعات لتنال أجرها وتقوى همتك ويزداد نشاطك فنوع بين الطاعات من صلاة وقراءة قرآن وتسبيح وتحميد وصلاة على جنازة ودعوة وهكذا.. فإن التنوع مدعاة إلى النشاط وطرد السأم.
وليكن شعارك: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [الزلزلة: 7-8]
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
إعداد دار القاسم