انقضى رمضان وذهب ليعود العام المقبل إن شاء الله، انقضى رمضان وكأنه ما كان.. فماذا أودع فيك رمضان من صالحات، وماذا كتب فيك من رحمات.
انقضى رمضان وفي قلوب الصالحين لوعة، وفي نفوس الأبرار حرقة.. وكيف لا يكون ذلك؛ وها هي أبواب الجنان أُغلقت، وأبواب النار فتحت، ومردة الجن أطلقت.
انقضى رمضان.. فماذا بعد رمضان!؟
وقبل أن أخبرك بكيفيَّة الحفاظ على توبتك وتقويتها واستثمارها، لتكون ربحًا لك في الدنيا والآخرة بإذن الله، أُذكِّرك بشروط التوبة الصحيحة، وهي:
الإخلاص لله تعالى: قال سبحانه وتعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} النساء: .146
الإقلاع عن المعصية: فلا تتصور صحة التوبة مع الإقامة على المعاصي حال التوبة. أما إن عاود المرء الذنب بعد التوبة الصحيحة، فلا تبطل توبته المتقدمة، ولكنه يحتاج إلى توبة جديدة وهكذا.
الاعتراف بالذنب: إذ لا يمكن أن يتوب المرء من شيء لا يعده ذنبًا.
الندم على ما سلف من الذنوب والمعاصي: قال صلّى الله عليه وسلّم: ''الندم توبة'' رواه أحمد وابن ماجه.
العزم على عدم العودة: فلا تصح التوبة من عبد ينوي الرجوع إلى الذنب بعد التوبة، وإنّما عليه أن يتوب من الذنب وهو يحدث نفسه ألاّ يعود إليه في المستقبل.
ردّ المظالم إلى أهلها: فإن كانت المعصية متعلقة بحقوق الآدميين وجب عليه أن يرد الحقوق إلى أصحابها إذا أراد أن تكون توبته صحيحة مقبولة.
أن تصدر في زمن قبولها: قال صلّى الله عليه وسلّم: ''إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر'' رواه أحمد والترمذي.
وللحفاظ على توبتك وتقويتها واستثمارها، عليك بما يلي:
تذكّر دومًا أنَّ المعصية تؤثِّر في القلب: قال الحسن رحمه الله تعالى: ''الحسنة نورٌ في القلب، وقوَّةٌ في البدن، والسيِّئة ظلمةٌ في القلب، ووَهَنٌ في البدن''.
والمعصية تؤثِّر على الرزق أيضًا، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''إنَّ الرجل لَيُحْرَمُ الرزقَ بالذنب يُصِيبُهُ'' رواه ابن ماجه بسندٍ حسن. الحفاظ على حدٍّ معيَّنٍ من العبادات لا تهبط عنه بأيِّ حالٍ من الأحوال، من نوافل وأذكار مختلفة.
الانقطاع تمامًا عن الأماكن الّتي تزيِّن لك العودة إلى المعصية أو تذكِّرك بها، ومقاطعة كلِّ شخصٍ له علاقةٌ بها، ولا تقل لنفسك: أريد أن أدعوه للتوبة كما تُبت، فليس هذا وقته، وتخلَّص من كلِّ الأشياء التي تعيد إليك الحنين إلى لذَّة المعصية.
التزام رفقةٍ صالحةٍ من الأصحاب المتمسِّكين بدينهم، الناجحين في دنياهم، فإنَّهم خير عونٍ لك ووقايةٌ من العودة إلى المعصية.
الاشتغال بالعلم النافع، وحضور مجالس العلماء ومحاضراتهم وندواتهم، واعمل على تطوير تخصُّصك الأكاديميِّ وأدائك المهنيّ، واشغل عقلك بالقراءة النافعة في علوم الدنيا والآخرة، خاصَّةً كتب الرقائق وتزكية النفس.
برّ الوالدين، والتزام صلة الرحم، ومساعدة إخوتك الصغار على شؤون دراستهم وعبادتهم.
الاشتغال بما يفيد المجتمع من مشروعاتٍ للشباب المسلم، ورعاية الفقراء المسنِّين.