معنى: (سبحان الله)
وأما قوله عليه الصلاة والسلام: { سبحان الله }.
فسبحان الله معناها: ننزهك يا رب، فالتسبيح: التنـزيه والتقديس له، نسبحه: ننفي النقائص عنه، ولا يستحق المدح إلا الله، فإنه ليس في صفاته عيب ولا ثلم، أما النفي المحض الذي ليس فيه مدح، فليس من منهج أهل السنة ؛ لأنه لا يفيد المدح، فإنك لو أتيت إلى البشر -ولله المثل الأعلى- وقلت لأحد ملوك الدنيا: يا من ليس يكنس الشارع! ويا من ليس يبخل! ويا من ليس يكذب! ويا من ليس منافقاً! فلا يعد ذلك مدحاً حتى تقول: يا أجود الناس! ويا أعدل الناس! ويا بركة العصر! فنحن إذا نفينا نفياً محضاً، فلا بد أن نثبت كمال الضد، فنقول: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، ولذلك قال سبحانه: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [الصافات:180].
فوصف نفسه بالعزة، ونفى ما وصفه الناس مما لا يليق به سبحانه وتعالى، ثم قال: وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ [الصافات:181] فأثنى عليهم أنهم بلغوا الرسالة، ثم نسب المدح له، فلا يمدح في السراء والضراء إلا هو، تذهب العيون والأسماع والأبصار فنقول: الحمد لله، ويأتي الرسول صلى الله عليه وسلم خبر قتل الصحابة؛ فيأتي متأثراً باكياً نادماً فيه لوعة وأسى فيقول: الحمد لله على كل حال، ويموت طفله بين يديه فيقول: الحمد لله، وتموت بناته ويقول: الحمد لله، فلا يحمد على المكروه إلا الله، ولذلك لما دمر الأمم قال: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:45] ولذلك لا يقال للبشر: دمرت بيتي شكر الله لك، ولا ضربت ظهري شكر الله لك، إنما ذلك في حق الله تعالى لا في حق البشر.....
المنتدى الإسلامي العام..