معالجة المياه
التغير المستمر هو واقع العالم، حيث يولد يوميا ربع مليون طفل، ويحكم على مائة وأربعين نوعا بالانقراض، وتنطلق مائة وأربعين ألف سيارة إلى الشوارع، وتتصحر منطقة غابات بحجم مدينة لوس أنجيلوس، ويتدفق اثني عشر ألف برميل من النفط في المحيط. هناك مشكلة جدية على الأرض، ولا بد من وجود أجوبة. لا يبدو منطقيا، أننا نعيش في كوكب مائي ولكن المياه العذبة تعتبر ثروة غنية، وحمايتها من التحديات الكبرى لهذا العالم، كان يجب أن يسمونه كوكب المياه المالحة، إليكم المزيد.
الحرارة، والجفاف، القاحل، في الصحراء تمتص الشمس الرطوبة بسرعة أكبر مما تعرق،
ومع ذلك فإن بعض المناطق الصحراوية، ترد على رأس لائحة النمو السكاني في أمريكا.
وتلبية الطلب المتنامي على المياه، يشكل أكبر التحديات في هذه المدن التي تصفعها الشمس.
تحولت حماية المياه إلى أحد أهم الإجراءات الحيوية هناك، تلبية للطلب المتنامي رغم التقلص المستمر للمصادر.
تركز بعض البرامج على بعض الممارسات القديمة الغير مسؤولة، للعثور على طرق لحمايتها بشكل أفضل.
محطة معالجة المياه المبتذلة في مدينة الباسو، ومحطة توليد الكهرباء في شركة الباسو، تحالفا معا وتوصلا إلى حل يوفر سبعمائة مليون غالون من المياه العذبة كل عام.
عادة ما كانت المياه المبتذلة تعاد إلى البيئة بعد معالجتها، أما اليوم فتنقل هذه المياه عبر خط أنابيب لمسافة سبعة أميال إلى محطة توليد الكهرباء، لتدور في أبراج تبريد محطة الطاقة التي كانت تستهلك آلاف من غالونات المياه العذبة كل يوم.
تقوم هذه الأبراج بدور المبردات العملاقة التي تخفض حرارة المياه المستخدمة لصناعة البخار الذي يدير المضخات.
يمكن للمياه المعالجة أن تدور عبر أنظمة المحطة خمسة عشر مرة، دون أن تحال على التقاعد.
بحيرة بمساحة خمس وثلاثون أكر تخزن هذه الكمية من المياه، التي تتعرض أخيرا للضخ في الصحارى المجاورة لري الأعشاب المحلية والنباتات التي تعيش عليها الأبقار.
تجري أبحاث مشتركة بين هذه المحطة وجامعة تكساس إي أند إم، لتحقيق أفضل نتيجة من أعمال الري، وذلك بتحديد النباتات المحلية التي تزدهر على حساب المياه المبتذلة المعالجة.
من أبراج التبريد إلى الري، تحل المياه المعالجة محل المياه العذبة في كل مرحلة، ما يساعد على حماية هذه الثروة النفيسة في الصحراء القاحلة.
يعتبر هذا البرنامج لحماية المياه نموذجا عن أهمية التعاون المشترك بين الحكومة المحلية والمؤسسات الخاصة للتوصل إلى حلول للمشكلات المحلية.
الجميع جزء من هذه المدينة، وهناك فريق عمل واحد يساهم في تعزيز النمو والتقدم والازدهار.
لا داعي لأن تقتصر برامج الحماية المشابهة لهذا على المناطق الصحراوية التي تعاني من نقص حاد في المياه.
حين تأخذ بالاعتبار أن كمية المياه التي على الأرض لم تتغير منذ بداية العصور.
يتزايد الطلب على المياه كل يوم، ما يوضح بأن حماية المياه أكثر من مجرد اصطلاح بيئي مستهلك، بل هو مسألة البقاء على قيد الحياة.
وإذا ما تحالفوا معا في جهودهم المشتركة لحمايتها، ربما يساهمون في إبقاء كوكب الماء، على أرض صلبة.
=-=-=-=-=-
بتهوفن، وباخ، وموزارت هم بعض من أعظم الملحنين في العالم، كانوا يتقنون اختيار النوتات وقياسها لتأليف سمفونية لا يطويها الزمن.
ولكن لا داعي لأن تقتصر الأعمال الكبرى على الموسيقى، إذ يكافح العديد من المهندسين المعاصرين للتوصل إلى سيمفونية من الحجارة والحديد ومواد بناء تخلق تناسقا بين العملي والبيئي.
هندسة الاستقرار هي التي تصمم البنى الكفيلة بحماية البيئة، والقادرة على البقاء لمدة طويلة الأمد.
يعتبر مركز شركة مصادر الغاز في داوني كليفورنيا، نموذج عن هندسة الاستقرار.
صمم المبنى على يد مهندسين في وولف لانغ كريستوفر، يكن شكل المبنى بحد ذاته نسبة من الاحترام إلى الأرض توازي تلك الخاصة بوظيفة المبنى.
تؤكد الجدران وعناصر المبنى الأخرى الكفاءة العالية لما يحتويه المبنى من تجديد في التصميم.
جاءت بعض المواد المستخدمة هناك من البنية السابقة التي كانت في هذا الموقع.
أزيلت آلاف الأقدام المربعة من ألواح السقف قبل تدمير المبنى ثم أعيد استخدامها مرة أخرى.
يتضمن الحديد المحول على أعمدة الدعم بعض المواد التي استعملت هناك من جديد.
صمم زجاج النوافذ وسبل العزل للتوفير في عمليات التدفئة وخفض التسرب إلى النصف.
كما ستوفر الإنارة الشمسية الغير مباشرة الكثير من الطاقة والطلب عليها.
أما في الحدائق فتزرع نباتات وأعشاب محلية تزدهر ضمن الشروط المناخية المتوفرة هناك، ما يلغي الحاجة إلى برامج الري المتبعة في مثل هذه الظروف.
تكمن تحديات الهندسة المستقرة في العثور على حلول المنطقية ذات المعنى، لا شك أنها تأخذ بالاعتبار المتطلبات وجدول الأعمال والمسائل التقليدية الأخرى، ولكنها تزج أيضا بكل التكنولوجيا المتعلقة بتوفير الطاقة، والمساحة في الداخل وتحويل مواد المبنى، كما تسعى جديا إلى توازن بين القيم المالية الفعلية، المنسجمة مع الإنجازات البيئية.
يبقى وضع الخطط هو المسألة الأهم لتخفيف من تأثير المشروع سلبا على الأرض.
طورت شركة وولف لانغ كريستوفر برنامج سوفتوير لمساعدة المهندس على التنسيق بين التكنولوجيا البيئية معا.
يتضمن تصميم هذه المدرسة الثانوية عدد من العناصر التي اعتبرت جزءا من البيئة المحيطة، يبرز تناسق المبنى مع ما يحيط به من مواصفات المنطقة المجاورة، كنموذج آخر للتعايش البيئي لهذه الهندسة.
عندما خرج الإنسان الحجري من الكهوف، بدأ يبني الملاجئ التي تحميه فقط من البيئة المجاورة.
أما اليوم فعلى الجميع أن ينتقل إلى مستوى أعلى، يضمن من خلاله تمكين البنية الهندسية من حمايته والمحافظة على البيئة أيضا.
=-=-=-=-
العالم في تغير دائم، كل ما فيه يتحرك ويتغير طوال الوقت، بما في ذلك التلوث، الذي ينتقل ويغير شكله، بما يعقد المشكلة.
يقول الجنرال الحكيم أن الخنادق تحقق النصر في المعارك العظمى.
اما اليوم والكوكب بأكمله يخوض حربا معلنة ضد التلوث، قد تحدد مصير ومستقبل الأرض.
لا يقتصر العدو على ساحة المعركة فحسب بل يهاجم جميع الكائنات البشرية والمخلوقات في كل زاوية من العالم.
تنتشر الخنادق مجازيا في كل بقاع الأرض على هذا الكوكب.
أما حرفيا فإن الخندق الفعلي يساعد على الحؤول دون انتقال التلوث ويحاصره لضمان عملية تطهير أو احتواء أشد فعالية.
تعتمد إحدى الأساليب المستخدمة لاحتواء الهجرة الأفقية للعناصر الكيميائية السامة والخطيرة عبر التربة، وتفادي وصولها إلى المياه الجوفية، على بناء حاجز عمودي تحد الأرض، يسمونه خندق الوحل.
يساعد حاجز الوحل الذي تبنيه إنكويب أسوسييت، على خلق حاجز فعلي للعناصر الكيميائية التي تتسرب أفقيا عبر المنطقة الملوثة.
ينص الأسلوب التقليدي لخنادق الوحل على أن يجري ملئ ثغرة أثناء استمرار عمليات الحفر بوحل هو مزيج من الماء والبينتونايت.
يقفل البينتونايت مسامات التربة في المنطقة المجاورة، ويمارس بعض الضغط على جدران الخندق بما يحول دون انهيارها.
يحول ذلك دون الحاجة إلى غمر المنطقة بالمياه، أو إلى نزول أحد إلى الخنادق.
صمم هذا الحفار خصيصا لفتح ثغرة بعرض خمسة وعمق ثمانين قدم.
هناك أجهزة أخرى مثل الرافعات مجهزة بأدوات كفيلة بتعميق الخندق أكثر حتى يصل إلى ثلاثمائة قدم.
بعد الانتهاء من أعمال الحفر يتم ملئ الخندق بالمزيج الهادف إلى خلق حاجز يحاصر التلوث.
يمزج البينتونايت في هذه الحالة مع التربة التي استخرجت من الحفر ليعاد صب المزيج الجديد في الخنادق من جديد. يمكن لبعض مواد السد الأخرى أن تحتوي على الإسمنت الخاص بمثل هذه الأعمال.
عادة ما يقام الجدار حول مجمعات النفايات، حتى يرتبط بطبقة الطين التي بنيت تحته.
يحول الجدار دون تسرب النفايات أفقيا بينما يمنع الطين انتقاله نحو الطبقات السفلى للأرض.
يمكن للجدران أن تعزل المناطق التي تهدد النفايات الكيميائية فيها بالتسرب إلى طبقات الأرض، وبالتالي محاصرة المنطقة التي تحتاج إلى معالجة.
هناك استعمال ابداعي لخنادق الوحل قامت إنكويب من خلاله بخلق حاجز يمرر المياه الجوفية الملوثة وعناصر التلوث عبر مصفاة مخفية عميقا تحت الأرض.
في بعض الحالات الأخرى يستخدم البوليمر الحيوي بدل الطين أو البينتونايت، على اعتبار أن البوليمر سيفقد تفاعله الحيوي مع الوقت.
ما يعني أن الجدار سيبقى غير طبيعي لفترة من الوقت تعود بعدها التربة إلى ما كانت عليه من قبل.
عندها تملأ الخنادق بالحصى، لاستخراج ما فيها من مياه جوفية للمعالجة.
الحرب ضد التلوث هي أعمق من الخنادق، ومن خلال التكنولوجيا المتطورة الحالية ربما تتمكن من إجبار التلوث على الاستسلام وفتح الباب مشرعا أمام غد أنظف.