يحرص الكثيرون من الملوك، الأمراء والأميرات، رجال الأعمال، الموسرين، مسؤولي الأوقاف و«السبايل»، والشركات على المساهمة الخيرية السنوية في موسم الحج، فتجدهم يحرصون على توزيع المبرات التي غالباً تتركز في الوجبات الصحية المغلفة، مياه الشرب، البطانيات، وغيرها من مستلزمات الحجيج، وهو ديدن حميد يعكس الروح الإسلامية وطيب نفس من يفعل ذلك، ويساعد الفقراء والمحتاجين من الحجاج السعوديين وأولئك القادمين من جميع أنحاء العالم في تخفيف تكاليف فريضتهم، فضلاً عن انه يمثل الروح السعودية المعطاءة.
وهذا العام يأتي الحج والعالم تجتاحه ما سمّيته في مقال سابق «أنفلونزا الفوازير» لكثرة الجدل حولها والتناقضات، والأسئلة التي لا تجد الإجابات، وعلى رغم قناعتي بأنها مجرد أنفلونزا إلا أن انتشارها يقودني لأن اقترح على الخيرين الذين ذكرتهم أعلاه ان يغيروا من نمط مبراتهم الخيرية، وأن يركزوا هذا العام على توزيع مستلزمات النظافة والتعقيم، المناديل، البروشورات بكل اللغات التي تحتوي النصائح الطبية والصحية، ووسائل التخلص من النفايات الشخصية، وأي مستلزمات أو معدات قد تساعد الجهات الصحية والإشرافية في الحج في حصر انتشار المرض في أضيق الحدود فتتحقق مصالح العباد، ويحصل المتبرعون على الأجر والثواب بإذن الله.أيضاً يمكنهم نشر اللوحات الدعائية العملاقة في المشاعر المقدسة، وهنا أتمنى على البلديات تقديم يد العون لهم وعدم اعتبارها إعلانات تجارية خاصة، إذا كانت تصدر من افراد وعائلات ومؤسسات خجريدة الحياة - يرية معروف عنها اسهامها السنوي في موسم الحج بأنواع مختلفة من المساعدات.
ويمكنهم قبل الشروع في تنفيذ أي من هذه الاقتراحات اللجوء إلى وزارات الصحة، الحج، وربما الداخلية لمعرفة ما يمكن أن يكون اسهاماً مفيداً، أو إضافة حقيقية، أو حتى إكمال لمشروع قائم حتى يكون العمل أكثر تنظيماً وأفضل اتقاناً ليحقق أعلى النتائج المرجوة.
إن تغيير أنماط المعونات التي تقدم في هذه المناسبة وغيرها لعله يكون إرهاصة لهذا التغيير في جميع المواسم والأحوال، فتوفير الطعام والكساء مطلب ضروري وملح، لكن توفير الوعي وتحسين السلوك العام مهم أيضاً وربما أسهم في تقليص الظروف السيئة المحيطة بالبشر المستفيدين من كثير من الأعمال الخيرية، وهو أيضاً سيسهم في تكاملية العمل الخيري وتطور أساليبه وبالتالي تعاظم نتائجه، وربما تفتق ذهن البعض عن أفكار ومبادرات كثيرة تزيد من فوائد هذا الموسم الديني المقدس الدنيوية. إن موسم الحج هو موسم تجميع ملايين البشر في بقعة محددة في زمن محدد، وستكون هناك دوماً هواجس صحية حتى من غير هذه الجائحة، وأتمنى أن يبدأ الخيّرون منذ هذا الموسم في تنفيذ هذا التغيير الذي أتوقع أن يكون للأفضل